افتتاحية سهم الشعب يختار الاستمرارية ومواصلة البناء

أزمات إقتصادية وقروض… المغرب على حافة الافلاس

تقارير سهم

تمر المملكة المغربية بأزمة اقتصادية واجتماعية حادة تفاقمت مع مرور الزمن نتيجة التراكمات السلبية للسياسات الحكومية والعجز المستمر في الاستجابة لمطالب الشعب الأساسية.

وبينما تزداد خيبات الأمل تجاه النظام الملكي، يواجه المواطن المغربي يوماً بعد يوم تحديات حياتية كبيرة، من تأمين قوت يومه إلى البحث عن فرص عمل تمكنه من الحفاظ على كرامته.

الوضع يزداد سوءاً في ضوء المعاناة المستمرة لضحايا زلزال الحوز الذين تركوا في العراء بلا مأوى أو طعام، رغم مرور عام كامل على الكارثة.

يأتي هذا في وقت تعيش فيه البلاد تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة وارتفاع مخيف في الديون، وسط تساؤلات عن مصير المساعدات التي كان من المفترض أن تذهب لضحايا الكارثة، لكنها، على ما يبدو، انتهت في أيدي النخب السياسية الفاسدة.

تفاقم أزمة المديونية المغربية

يعتبر الدين العام المغربي اليوم أحد أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني. فقد ارتفعت قيمة الدين العام إلى مستويات غير مسبوقة، حيث تجاوزت حاجز الـ100 مليار دولار أمريكي في عام 2024، وفقاً لتقرير حديث صادر عن “الاتحاد الاشتراكي”.

هذا الارتفاع المستمر في الدين لم يأتِ كنتيجة لحادثة معينة أو ظرف استثنائي، بل هو تراكم للسياسات الاقتصادية الخاطئة التي تبنتها الحكومات المغربية المتعاقبة. فقد ارتفعت الديون بشكل متسارع، إذ بلغت 101 مليار دولار في عام 2024 مقارنة بـ95.1 مليار دولار في عام 2022، و88.5 مليار دولار في عام 2021. هذه الزيادة الملحوظة تعكس عجز النظام عن إيجاد حلول فعالة للخروج من الأزمة الاقتصادية.

من جهة أخرى، أشار التقرير الشهري الصادر عن “المديرية العامة للخزينة” المغربية إلى أن الدين الداخلي بلغ حوالي 75.3 مليار دولار أمريكي بنهاية أغسطس 2024، بزيادة بلغت 6.9% مقارنة بنهاية ديسمبر 2023.

هذه الأرقام تضع المغرب في موقف حرج، حيث يجد الاقتصاد الوطني نفسه مثقلاً بخدمة الديون، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على الميزانية العامة ويزيد من الضغط على المواطن المغربي الذي يعاني من تراجع مستوى المعيشة.

إقرأ أيضا: “ليلة الهروب الكبير” من مملكة “أمير المؤمنين”…فضائح المخزن تتوالى

فشل السياسات الحكومية

الحكومة الحالية التي يقودها عزيز أخنوش، أغنى رجل في المغرب، لم تكن قادرة على تقديم حلول ملموسة للأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد. بدلاً من التركيز على تنفيذ إصلاحات اقتصادية عميقة تساهم في تحسين معيشة المواطن المغربي، اتجهت الحكومة نحو الاعتماد المتزايد على القروض الأجنبية لتغطية العجز المتنامي في الميزانية.

هذا النهج ليس فقط يزيد من حجم الدين العام، ولكنه أيضاً يعمق الفجوة بين الحكومة والشعب، حيث يشعر المواطن المغربي بالعجز تجاه تحسن وضعه المالي أو الاجتماعي.

عزيز أخنوش، بصفته رئيس الحكومة، لم يستطع الاستفادة من ثروته الشخصية أو نفوذه لحل الأزمة، بل لجأ إلى السياسات التقليدية التي تفاقم الوضع، مما أدى إلى تفاقم البطالة وتدهور مستوى المعيشة.

وعلاوة على ذلك، فإن السياسات الاقتصادية المتبعة حالياً تهدد استقرار البلاد، حيث يخشى الكثيرون من أن يؤدي استمرار الأزمة إلى انتفاضة شعبية قد تطيح بالنظام الملكي. هذا الخوف دفع الحكومة إلى اتخاذ قرارات عاجلة بتأمين الاحتياجات الأساسية للشعب، ولكن عبر التمويل الأجنبي، ما يضع المغرب في دائرة مفرغة من الديون والعجز الاقتصادي.

تهميش ضحايا زلزال الحوز

وبينما يواجه المغرب أزماته الاقتصادية المتفاقمة، لا تزال معاناة ضحايا زلزال الحوز جرحاً مفتوحاً في وجدان الشعب المغربي. على الرغم من مرور عام كامل على الكارثة، لا يزال الآلاف من المتضررين يعيشون في ظروف مأساوية، حيث يفتقرون إلى المأوى والغذاء والخدمات الأساسية. كان من المتوقع أن تساهم المساعدات الدولية التي تلقتها المملكة بعد الزلزال في تخفيف معاناة الضحايا، لكن هذه المساعدات لم تصل إلى مستحقيها.

التساؤلات حول مصير هذه المساعدات تتزايد، في ظل شكوك قوية بأن جزءاً كبيراً منها انتهى في جيوب المسؤولين الفاسدين. هذه الفضيحة تمثل صورة مصغرة عن الوضع العام في البلاد، حيث الفساد يعصف بكل جوانب الحياة السياسية والاجتماعية.

السكان المتضررون من الزلزال أصبحوا يشعرون بأنهم قد تم التخلي عنهم، وأن النظام يفتقر إلى الإرادة السياسية لمعالجة أوضاعهم. في حين كان من الممكن أن يكون الزلزال فرصة للنظام لإظهار قدرته على الاستجابة للأزمات، إلا أن الواقع يعكس العكس تماماً، حيث أثبت النظام عجزه عن تلبية احتياجات الشعب حتى في أوقات الكوارث.

إقرأ أيضا: التأشيرة الجزائرية للمغاربة: قرار سيادي لحماية الأمن الوطني

الفساد في محيط القصر الملكي

ولا يمكن فصل الأزمة الاقتصادية عن انتشار الفساد في مختلف مؤسسات الدولة، ولا سيما في محيط القصر الملكي. يشهد المغرب تفشي ظاهرة الفساد بشكل متزايد، حيث تتركز الثروة والسلطة في أيدي قلة من المقربين من القصر، بينما يعاني الشعب المغربي من تبعات سوء الإدارة وتفشي المحسوبية. أصبح من الواضح أن غياب الحكامة الرشيدة يعمق الأزمة الاقتصادية، ويزيد من عجز البلاد عن مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

الفساد ليس مجرد ظاهرة معزولة، بل هو جزء من بنية النظام السياسي في المغرب، حيث يتمتع المقربون من القصر الملكي بامتيازات واسعة، مما يزيد من الفجوة بين الأغنياء والفقراء ويعمق الإحساس بالظلم بين المواطنين.

يعتبر القصر الملكي ومحيطه من أكثر الأماكن تأثراً بهذه الظاهرة، حيث تتداول الأخبار عن صفقات مشبوهة واستغلال للنفوذ في توزيع الثروات الوطنية. هذا الوضع أدى إلى تآكل الثقة بين الشعب والسلطة، وزيادة الشعور بالاستياء تجاه الملكية والنظام ككل.

المملكة المغربية اليوم تعيش على حافة أزمة شاملة، حيث يتداخل السياسي بالاقتصادي والاجتماعي في منظومة أفرزت واقعاً مأساوياً للشعب. الحلول الجذرية والإصلاحات الحقيقية أصبحت ضرورية وملحة، ولكن النظام الملكي يبدو غير قادر أو غير راغب في تنفيذها.

الشعب المغربي يعي جيداً أن هذه الأزمات لن تنتهي ما لم يحدث تغيير حقيقي في بنية النظام وتوجهاته الاقتصادية والسياسية. البلاد بحاجة إلى تغيير جذري يعيد للمواطن المغربي كرامته ويحقق التنمية التي يستحقها، وإلا فإن الأزمة قد تستمر لتأتي على كل شيء.