شهدت أسعار النفط ارتفاعًا جديدًا في بداية هذا الأسبوع، مدفوعة بتفاقم الصراع في الشرق الأوسط بين الكيان الصهيوني وحزب الله، حيث اقترب خام برنت من 75 دولارًا للبرميل.
ويأتي هذا الارتفاع بعد مكاسب أسبوعية قوية شهدت ارتفاع خام برنت بنسبة 4%، وهو أكبر ارتفاع أسبوعي له منذ أبريل الماضي. لكن في الوقت الذي تضيف فيه التوترات الجيوسياسية علاوة على أسعار النفط، تبقى المخاوف حول ضعف الطلب العالمي والتحديات الاقتصادية في الصين والولايات المتحدة عاملًا مهمًا في تحديد اتجاه السوق.
توترات جيوسياسية
تعززت أسعار النفط بشكل كبير مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، حيث أطلق حزب الله أكثر من 115 صاروخًا وقذيفة وطائرة بدون طيار باتجاه شمال الكيان الصهيوني، ما دفع الجيش الصهيوني للرد بهجمات ضد مواقع حزب الله في لبنان.
هذا التصعيد أثار مخاوف من إمكانية جر إيران – أحد الأعضاء المؤثرين في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) – إلى الصراع، ما يزيد من التوترات الجيوسياسية في منطقة تعتبر حيوية لأسواق الطاقة العالمية. هذه المخاوف أدت إلى عودة علاوة المخاطر في أسعار النفط، مما دفع خام برنت إلى الارتفاع بأكثر من 8% عن أدنى مستوياته المسجلة هذا الشهر.
تأثير محدود
ورغم أن الأوضاع الجيوسياسية ساعدت في رفع أسعار النفط، إلا أن الآمال في أن يؤدي خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى دعم الاستهلاك، لم تكن كافية لإزالة المخاوف المتعلقة بتراجع الطلب على الوقود.
قالت فاندانا هاري، مؤسسة شركة “فاندا إنسايتس” في سنغافورة، إن النفط قد يدخل في فترة استقرار على المدى القصير. وأوضحت قائلة: “خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي ساعد في إبقاء المعنويات مرتفعة، لكن في مرحلة ما، قد نرى ضغطًا هبوطيًا على النفط مع تلاشي تأثير قرار الفيدرالي وعودة التركيز على تدهور الطلب العالمي.”
مخاوف من انخفاض الطلب على الديزل
إحدى علامات القلق في الأسواق تأتي من صناديق التحوط التي أصبحت أكثر تشاؤمًا بشأن آفاق الطلب على الديزل. فقد أدت المخاوف المتزايدة من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي إلى توقعات ضعيفة للطلب على الوقود الصناعي، والذي يعد مؤشرًا على صحة الاقتصاد العالمي.
وفي هذا السياق، أظهرت البيانات أن صناديق التحوط اتخذت مواقف دفاعية بسبب توقعاتها السلبية حول نمو الطلب، وهو ما يزيد من الضغط على أسعار النفط رغم المكاسب الأخيرة.
العين على تقرير أوبك وتطورات الاقتصاد الصيني
ومن المتوقع أن تنشر منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) تقريرها السنوي حول توقعات الطلب العالمي على النفط يوم الثلاثاء، والذي قد يقدم رؤى أعمق حول استهلاك النفط في السنوات القادمة. هذا التقرير يأتي في وقت يواجه فيه الاقتصاد العالمي تحديات كبيرة، خاصة مع تراجع أداء الاقتصاد الصيني.
وأظهرت البيانات الأخيرة أن الحكومة الصينية خفضت الإنفاق العام في محاولة لدعم الاقتصاد المتباطئ، بينما ارتفع معدل البطالة بين الشباب إلى أعلى مستوى له هذا العام. ومع ذلك، فإن الجهود التي تبذلها البنوك الصينية لتخفيض أسعار الفائدة على الرهون العقارية قد تكون خطوة لدعم الاستهلاك المتراجع، إلا أن التأثير الفعلي لتلك الإجراءات لا يزال غير واضح.
في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية وتزايد المخاوف بشأن ضعف الطلب العالمي، تواجه أسواق النفط تحديات معقدة. وفي الوقت الذي تساهم فيه المخاطر الجيوسياسية في دفع الأسعار إلى الارتفاع، فإن العوامل الاقتصادية، خاصة تلك المتعلقة بتباطؤ الطلب، قد تكون العامل الرئيسي في تحديد مستقبل السوق. مع انتظار تقرير أوبك وتطورات الاقتصاد الصيني، ستظل أسعار النفط تحت المجهر في الأيام والأسابيع القادمة.