تسعى كل من الجزائر وإيطاليا إلى تعزيز تعاونهما في شتى المجالات على غرار الطاقة الذي تعد فيه الجزائر شريكا هاما لروما.لذا تحرص الجزائر على إقامة شراكات مربحة مع الطرف الإيطالي، هذا ما عكسته عمق ومتانة العلاقات بين البلدين.
وحملت زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى إيطاليا في جعبتها آفاقا واعدة للشراكة الاقتصادية بين الجزائر وإيطاليا، حيث أكد تبون أن الجزائر تصبوا إلى تقوية الشراكة الاقتصادية في عدة مجالات على غرار صناعة السفن والطيران والصناعات الخفيفة مثل الصناعات الغذائية والأثاث مع إيطاليا ناهيك عن مواصلتهما الاستثمار في الصناعات العسكرية والبحرية والالكترونية.
الجزائر وإيطاليا…علاقات عميقة وممتازة
وأرجع الخبير الاقتصادي بوجمعة نطاح في تصريح خص به موقع ” سهم ميديا ” سبب تزايد الزيارات الثنائية بين إيطاليا والجزائر إلى حجم العلاقات الممتازة بين الطرفين خاصة وأن هناك رغبة في انعقاد اجتماع اللجنة العليا المشتركة لبعث التعاون الثنائي، و ترقب القمة الحكومية المشتركة شهر جويلية القادم و كذا تزامنه مع مرحلة فتور في العلاقات مع بعض دول شمال البحر الابيض المتوسط (فرنسا و اسبانيا).
الجزائر ثان ممون للغاز لإيطاليا…..ونحو رفع كمياته لروما لتصبح موزعا له في أوروبا
أما على صعيد الطاقة، فتمثل الجزائر ثان ممون للغاز في السوق الإيطالية، حيث تعكف على تعزيز الشراكة مع إيطاليا للقيام باكتشافات أخرى، لكي ترتفع الكميات الموجهة لها ولكي تصبح الموزع لهذه المادة في أوروبا. وفق ما أوضحه الرئيس تبون على هامش ندوة صحفية عقدها مع نظيره الإيطالي سيرجيو ماتاريلا بالقصر الجمهوري بروما أمس الخميس.
وفي هذا الشأن، قال نطاح أن الشراكة في قطاع الطاقة هي إحدى أهم القطاعات لما تكتسيه من أهمية منذ أكثر من 40 سنة (خط ترانسميد 1981)، إذ أن حجم إمدادات إيطاليا من الغاز بلغ 22٪ من احتياجات إيطاليا من الغاز السنة المنصرمة، و الجزائر هي ثاني مصدر للغاز لإيطاليا التي تستورد 95 بالمائة من مجموع استهلاكها.
بدوره ، قال الخبير الاقتصادي الدولي عبد الرحمان مبتول في تصريح ل” سهم ميديا ” أن الطاقة تخدم النمو والتشغيل لضفتي المتوسط وإفريقيا، وفق ما أشار إليه تقرير معهد الاستشراف الاقتصادي للمتوسط الذي أظهر عجزا هيكليا أوروبيا وارتفاعا قويا للطلب من الضفة الجنوبية ما يستلزم بناء عناصر شراكة تتجاوز النموذج التقليدي ممون-زبون، معتبرا أن هذا الوضع يقتضي تعزيز التعاون خاصة في مجال الطاقة العامل الأساس في النشاط الاقتصادي والأمن ليمكنه في تمثيل رابط قوي بين الشمال والجنوب للمتوسط.
وبالنسبة للجزائر- يتابع مبتول – يستلزم الموقف إستراتيجية للتكيف من خلال سياسة طاقوية يتولى تحديدها المجلس الأعلى للطاقة الذي وقع الرئيس تبون على مرسوم إنشائه ويوضع تحت سلطته.
ففي الأمد القصير أضاف ذات الخبير أن الجزائر بإمكانها أن ترفع عبر أنبوب “ترانسميد” العابر إلى إيطاليا 33 مليار متر مكعب من الغاز فيما ارتفعت طاقة أنبوب “ميد غاز” العابر إلى إسبانيا من 8 ملايير متر مكعب إلى 10,5 مليار منذ فيفري 2022.
ناهيك عن زيادة صادراتها بمقدار 3/4 مليار متر مكعب من الغاز ، بشكل رئيسي عبر شركة ترانسميد عبر إيطاليا التي تعمل بنسبة 60٪ من طاقتها سيكون من الضروري مراعاة الاستهلاك المحلي القوي ، والذي يمثل ما يقرب من 40٪ من الصادرات ، في إشارة إلى الضرورة الملحة لتحول الطاقة. كما نشهد انخفاضًا في الإنتاج ، حيث انخفض من 65 مليار متر مكعب من الغاز بين 2006/2007 ، إلى 43 مليار متر مكعب في عام 2021. وقد خططت الحكومة لاستثمار 30 مليار دولار على مدار العام ، السنوات الخمس المقبلة ، منها 8 في عام 2022. .. لكن هذا لا يكفي ، الأمر الذي يتطلب استثماراً أجنبياً ، يقوم على شراكة رابحة. حسب الخبير مبتول.
الجزائر تتجه لتموين جزء من أوروبا بالكهرباء عبر إيطاليا
لكن وبحكم البنية التحتية والقدرات الطبيعية التي تملكها الجزائر، جعلها تفكر لتستثمر في الطاقة الكهربائية في خطوة لتنويع إنتاج مصادر الطاقة، وفي هذا الصدد،قدم رئيس الجمهورية مقترحا بإنشاء خط بحري من الجزائر إلى إيطاليا، يتم من خلاله تموين جزء من أوروبا بالطاقة الكهربائية.
وتابع السيد الرئيس في سياق تصريحه ، شروع كل من الجزائر وإيطاليا في إنتاج اللوحات الشمسية بسيدي بلعباس، آملا بمباشرتهما في إنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره إلى إيطاليا.
بدوره قال الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا أن التعاون مع الجزائر في الطاقة سيسمح في التعاون أكثر في مجال الانتقال الطاقوي وتطوير أشكال جديدة للطاقة المتجددة. داعيا إلى تكثيف شراكات التعاون مع الجزائر وتنويعها في القطاع التجاري، واصفا السوق الجزائرية بالمهمة جدا لإيطاليا، مؤكدا سعي روما لتعزيز جهودها لتمكين التعاون بين الجزائر و الاتحاد الأوروبي.
مزيد من الشراكات المثمرة بين ” سوناطراك ” الجزائرية و”إيني” الإيطالية
وحسب أرقام وزارة التجارة و ترقية الصادرات، نقلتها وكالة الأنباء الجزائرية، فبفضل القرب الجغرافي للجزائر وإيطاليا ، بلغ حجم المبادلات التجارية بينهما 8,5 مليار دولار سنة 2021, مسجلة ارتفاعا كبيرا مقارنة بسنة 2020 حيث بلغت قرابة 6 مليار دولار.في حين بلغت الصادرات الجزائرية نحو إيطاليا الممثلة خصوصا في المحروقات، ما يقارب 6,24 مليار دولار سنة 2021.
ووفق ما ذكرته وكالة الأنباء الجزائرية، فإن صادرات الجزائر إلى إيطاليا أغلبها تشمل قطاع المحروقات، في حين بلغت واردات الجزائر من هذا البلد ،التي تتكون أساسا من الماكينات و المواد البترولية المكررة و المواد الكيميائية و المواد الحديدية 2,26 مليار دولار.
على صعيد بقية الاستثمارات الأخرى بين الجزائر وإيطاليا في مجال الطاقة ، ضمت أنبوب الغاز مع ايطاليا العابر للبحر المتوسط (Transmed), و الذي يربط البلدين منذ سنة 1983 مرورا بتونس, والذي يمتلك قدرة إمداد تقدر ب 33,15 مليار متر مكعب/السنة. كما سترتفع كميات الغاز المصدرة نحو هذا البلد بـ 9 مليار متر مكعب/سنويا ابتداء من 2024/2023، من خلال الاتفاق الموقع في 11 أبريل المنصرم بالجزائر العاصمة بين الرئيسين المديرين العامين لمجمعي سوناطراك وإيني.
هناك سبعة شروط ضرورية لتحقيق السعة بحلول عام 2025/2027 لمضاعفة طاقة تصدير الغاز إلى 80 مليار متر مكعب ، بحصة تتراوح بين 20 و 25٪ إلى أوروبا، كشف عنه الخبير في الطاقة عبد الرحمان مبتول، تضم أولاً تحسين كفاءة الطاقة بسياسة أسعار جديدة ، والتي تعيد السؤال إلى مسألة الدعم.
إلى جانب الاستثمار على مستوى المنبع لاكتشافات جديدة للهيدروكربونات التقليدية في الجزائر أو في بلدان أخرى بفضل الخبرة الدولية لسوناطراك (من الممكن اكتشاف آبار ليس لها ربحية ، ويفضل عدم الإعلان قبل تحديد الطاقة الإنتاجية .
تطوير الطاقات المتجددة (حاليًا أقل من 1٪ من إجمالي استهلاك الطاقة). كما توجد خطط لتطوير محطات للطاقة النووية في عام 2025 للأغراض السلمية لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، إلى جانب تطوير النفط والغاز الصخري وفقًا للدراسات الأمريكية ، تمتلك الجزائر خزانًا في العالم الثالث يقارب 19500 مليار متر مكعب من الغاز (يتطلب الممر تناغمًا اجتماعيًا داخليًا واستثمارات ضخمة مع إتقان التكنولوجيا التي تحمي البيئة والشراكات مع السمعة الطيبة. شركات).
و تفعيل مشروع “غالسي” ، خط أنابيب الغاز الجزائر العاصمة – سردينيا – إيطاليا ، والذي كان من المقرر أن يبدأ تشغيله عام 2012 بطاقة 8 مليارات متر مكعب من الغاز والإسراع في إنجاز مشروع خط أنابيب الغاز بين نيجيريا وأوروبا عبر الجزائر بطاقة 33 مليار متر مكعب من الغاز ، لكن وفقًا للدراسات الأوروبية في عام 2019 ، يتطلب حوالي 20 مليار دولار ، فضلًا عن الموافقة على الاتحاد الأوروبي ، العميل الرئيسي.
التوقيع على 5 مذكرات تفاهم بين الجزائر وإيطاليا
وبالتزامن والزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى إيطاليا، تمخضت عنها التوقيع على 5 مذكرات تفاهم ضمت قطاعات الطاقة والسياحة والهيدروجين ، حيث تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين شركة سوناطراك الجزائرية وشركة “إيني” الإيطالية للتنقيب.
وأبرز نطاح بوجمعة أهمية الشراكة بين سوناطراك وايني ، كون أن شركة ايني هو عملاق إيطاليا أصبح رائدا في إنتاج الطاقة و التنقيب و بشراكة سونطراك الجزائرية تهدف إلى تسريع وتيرة تطوير مشاريع إنتاج الغاز الطبيعي من اجل بلوغ 9 مليارات متر مكعب افاق 2023-2024″.بالاضافة الى الصناعات النسيجية من ملابس وأحذية بموديلات عالمية.
كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين الجزائر وإيطاليا في المجال السياحي والتوقيع على مذكرة تفاهم بين الجزائر وإيطاليا في مجال المؤسسات الناشئة،إلى جانب التوقيع على مذكرة تفاهم بين الجزائر وإيطاليا لتوطيد التعاون الثنائي في مجال الوقاية من غسيل الأموال وتمويل الإرهاب والتوقيع على اتفاق التعاون الثقافي بين الحكومة الجزائرية والحكومة الإيطالية للأعوام ما بين 2022 و2025.
الأرضية في الجزائر مناسبة لإيطاليا للاستثمار في قطاع الصناعة
وتطمح الجزائر إلى إقامة شراكة مربحة في قطاع الصناعة مع الجانب الإيطالي، وفي هذا الصدد أشار نطاح إلىلصناعات الميكانيكية و قطع الغيار (فيات .ايفيكو..)و بمختلف الأحجامةالتي تمتاز بها إيطاليا، لاسيما وأن مدينة تورينو تعد رائدة في هذا المجال بالاضافة إلى صناعة الجرارات و البواخر و المضخات الهيدروليكية، إضافة إلىلصناعات الغذائية و الكيماوية الحديد والصلب، والطاقات المتجددة.
وقال ذات الخبير أن الأرضية في الجزائر مناسبة لإيطاليا في قطاع الصناعة، لما تعرفه الجزائر من إصلاحات شملت مناخ الاستثمار، و إلغاء القاعدة الاجبارية51 و49 بالمائةو تحسين مناخ الأعمال، و تسهيل الإجراءات الإدارية و تقديم ضمانات للقضاء على البيروقراطية، هي أهم المحاور التي تشجع إيطاليا أكثر من أي زمن مضى للولوج بقوة إلى السوق الجزائرية و قد تسيل لعاب الشركاء التقليديين.
كما أن الجزائر و إيطاليا تمثلان أهم محطات طريق الحرير باعتبار أن الجزائر هي بوابة الصين في إفريقيا وإيطاليا تمثل بوابة الصين إلى أوروبا و ما يكتسيه هذا الخط من أهمية اقتصادية و سياسية بالغة .وإيطاليا تعتبر خطا آمنا لولوج المنتجات الجزائرية و الإفريقية إلى أوروبا تجعل السلطات الجزائرية تفكر في خلق خط بحري يربط جنوب البحر الابيض المتوسط بشماله. يضيف ذات المحلل.
الاتفاق الجزائري الإيطالي في إنتاج الهيدروجين الأخضر سيسرع من وتيرة الانتقال الطاقوي
شروع الجزائر في إنتاج الهيدروجين الأخضر مع الشريك الإيطالي ستكون له انعكاسات إيجابية على الاقتصاد الوطني، هذا ما أكده المحلل الاقتصادي بوجمعة أن دخول مجموعة ايني الإيطالية في مجال إنتاج وتطوير الطاقات المتجددة واستغلال الهيدروجين الأخضر سيسرع من وتيرة الانتقال الطاقوي لتحقيق التنمية المستدامة كما انها فرصة لزيادة خلق مناصب شغل وانعاش الاقتصاد الوطني.
كما أن هذا المشروع الطاقوي الجديد يسمح بتقييم القدرات المتوفرة من الغاز و تسريع الاكتشافات، حيث أن الدراسات التي أجراها مركز تنمية الطاقات المتجددة ، أظهرت قدرات هائلة ” يمكن للجزائر الاعتماد عليها في التحول نحو استغلال الهيدروجين الأخضر، كناقل للطاقة النظيفة بتكاليف جد تنافسية.كما تمتلك الجزائر بني تحتية كافية للتخزين والتوزيع والنقل واعتمادها على الشراكات مع الدول الرائدة في هذا المجال كايطاليا من شانه إنجاح استراتيجيتها لتطوير هذه الطاقة. يتابع ذات المحلل.
من جهته ، أكد الخبير مبتول أن الجزائربحاجة إلىستراتيجية جديدة لأن المستقبل هو الهيدروجين كطاقة بديلة في 2030/2040، مشيرا إلى الدور الهام الذي يلعبه المجلس الوطني الأعلى للطاقة مهم للأمن القومي من أجل اتحديد نموذج جديد لاستهلاك الطاقة ، سواء للاستهلاك الداخلي أو للزيادة في الصادرات ستخدم كثيرا الاقتصاد الوطني.