افتتاحية سهم الشعب يختار الاستمرارية ومواصلة البناء

جهود مبذولة لكبح جماح أسعار السيارات… هل ستنتهي الأزمة؟

سهم أوتو

تشهد سوق السيارات في الجزائر أزمة حادة منذ سنوات، مما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار السيارات الجديدة والمستعملة على حد سواء.

وفي ظل هذا الوضع، تسعى الحكومة الجزائرية جاهدة لإيجاد حلول جذرية للأزمة عبر فتح المجال أمام مشاريع جديدة لتجميع وتصنيع السيارات. غير أن التساؤل الذي يطرحه الكثير، هل ستتمكن هذه الجهود من تهدئة الأسعار وإنهاء الأزمة؟

أزمة مستمرة منذ 2015

بدأت أزمة السيارات في الجزائر منذ عام 2015، عندما اتخذت السلطات الجزائرية إجراءات تهدف إلى كبح فاتورة الواردات من السيارات الجديدة التي بلغت ذروتها في 2013 و2014 بأكثر من 600 ألف سيارة.

ومنذ ذلك الحين، شهدت البلاد تذبذبًا كبيرًا في العرض مقابل زيادة مطردة في الطلب، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار إلى مستويات غير معقولة.

وأدى ذلك إلى ركود طويل في السوق، تفاقم بقرار الحكومة في 2017 بوقف استيراد السيارات الجديدة، والاعتماد على مشاريع تجميع وتركيب السيارات المحلية.

إقرأ أيضا: الرفع من القدرات الإنتاجية لمصنع “فيات الجزائر” لتلبية احتياجات السوق

جهود الحكومة الجزائرية لإعادة الاستقرار

أدركت الحكومة أن السياسة السابقة لم تؤدِّ إلى النتائج المرجوة، لذا اتخذت خطوات جديدة لإعادة الاستقرار إلى السوق.

من بين هذه الخطوات إطلاق مشاريع تجميع السيارات، حيث شهدت الأشهر الأخيرة مبادرات جديدة لإقامة مصانع تركيب وتجميع السيارات في الجزائر من قبل علامات دولية مثل هيونداي، جيلي، شيري، وفيات.

وفي هذا الصدد أعلنت شركة هيونداي الكورية الجنوبية عن استعدادها لإقامة مصنع في الجزائر لإنتاج ثلاثة موديلات من السيارات السياحية ونوعين من السيارات التجارية، بالإضافة إلى سيارة كهربائية.

ومن المتوقع أن يستأنف مصنع رينو في ولاية وهران نشاطه في الأسابيع المقبلة بعد توقف دام لعدة سنوات. ويأتي هذا الاستئناف بعد تحديث خطوط الإنتاج لتتماشى مع المعايير الجديدة التي وضعتها الحكومة لضمان تحقيق نسبة إدماج معتبرة في التصنيع المحلي.

ومن بين الخطوات أيضا تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، إذ تسعى الحكومة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتطوير صناعة حقيقية للسيارات، بعيدًا عن نموذج “نفخ العجلات” الذي ارتبط بفترة سابقة، حيث كانت السيارات تأتي شبه مكتملة من الخارج ويتم تركيب بعض الأجزاء البسيطة في الجزائر.

إقرأ أيضا: السيارات في الجزائر…”بوادر” نهاية الأزمة!!

الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للأزمة

من الناحية الاقتصادية، تأمل الحكومة في أن تؤدي هذه المشاريع إلى توفير السيارات بأسعار معقولة للمواطنين، مما يساهم في تخفيف الضغط على السوق. بالإضافة إلى ذلك، فإن تطوير قطاع السيارات المحلي سيساهم في خلق فرص عمل جديدة، مما ينعكس إيجابيًا على الاقتصاد الوطني.

أما من الناحية الاجتماعية، فإن استمرار الأزمة يؤثر على معيشة المواطنين، حيث ارتفعت أسعار السيارات المستعملة بشكل جنوني. فقد أصبحت السيارات التي يزيد عمرها عن عشر سنوات تُباع بأسعار مضاعفة مقارنة بسعرها الأصلي. هذه الزيادة الكبيرة دفعت بالكثيرين إلى الامتناع عن بيع سياراتهم خوفًا من عدم القدرة على شراء بديل.

هل ستنتهي الأزمة قريبًا؟

على الرغم من الجهود المبذولة، يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح هذه الخطوات في إنهاء الأزمة؟ مع وجود مبادرات عديدة في الأفق، مثل مصانع هيونداي، فيات، ورينو، يبدو أن هناك بصيص أمل في الأفق. إلا أن النجاح الحقيقي لهذه الجهود يعتمد على مدى قدرة الحكومة على تطبيق سياسات فعالة وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية لتحقيق صناعة سيارات متكاملة في الجزائر.

وفي انتظار استئناف نشاط بعض المصانع الكبرى ودخول مشاريع جديدة حيز التنفيذ، تبقى الآمال معلقة على قدرة السوق على العودة إلى الاستقرار وتوفير السيارات بأسعار معقولة للمواطنين.