افتتاحية سهم الشعب يختار الاستمرارية ومواصلة البناء

أزمة في صناعة السيارات الأوروبية… والجزائر قد تكون أكبر المستفيدين

سهم أوتو

شهدت صناعة السيارات في أوروبا أزمة غير مسبوقة قد تُسفر عن إغلاق عشرات المصانع وتسريح الآلاف من العمال في السنوات المقبلة، وسط انخفاض الإنتاج وتراجع المبيعات، ما يمهّد الطريق أمام أسواق بديلة قد تشهد توسعاً ملحوظاً في هذه الصناعة، منها السوق الجزائري الذي يترقب فرصاً واعدة للتطوير والاستثمار في هذا المجال.

ووفقاً لتقرير صادر عن وكالة “رويترز” للأنباء، تواجه مجموعة “ستيلانتس”، التي تضم علامات تجارية كبرى مثل فيات وبيجو وأوبل، تحديات صعبة لم تشهدها من قبل، حيث انخفضت مبيعاتها بنسبة 27%، مما يضعها أمام خيارات قد تشمل إغلاق مصانعها أو نقل سلاسل الإنتاج إلى دول أخرى بحثاً عن أسواق أكثر استقراراً وتوقعات إيجابية للمبيعات.

ويعدّ مصنع “فيات” في مدينة تورينو الإيطالية، الذي كان يوظف 60 ألف عامل وينتج حوالي مليون سيارة سنوياً، من بين المصانع التي تواجه شبح الإغلاق في ظل هذه الأزمة. ويعزى ذلك إلى عدة عوامل، أبرزها التقدم السريع الذي أحرزته الصين في صناعة السيارات، حيث تطلق الشركات الصينية نموذجاً جديداً كل عام، في حين أن أوروبا تنتج نموذجاً جديداً كل أربع سنوات، مما قلّل من جاذبية السيارات الأوروبية للمستهلكين.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تشريعات الاتحاد الأوروبي التي تنص على حظر بيع السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري اعتباراً من عام 2035، وتقليص الحكومات الأوروبية دعمها لهذا القطاع، أثرت سلباً على الصناعة المحلية. فمثلاً، اتجهت إيطاليا لتقليص الدعم المقدم لهذا القطاع لصالح قطاعات أخرى، رغم أن صناعة السيارات تسهم بنسبة 7% من الناتج المحلي الإجمالي لأوروبا.

ويأتي هذا التحول المحتمل في ظل تحوّل قطاع السيارات في أوروبا بشكل كبير، إذ تتجه الحكومات الأوروبية للحد من دعمها للصناعة وتضع تشريعات صارمة تتعلق بالسيارات العاملة بالوقود الأحفوري، ما يحدّ من النمو ويدفع الشركات للبحث عن أسواق بديلة تعزز من قدرتها التنافسية.

فرصة في السوق الجزائري

ويبرز السوق الجزائري كأحد هذه البدائل، إذ يعد من الأسواق المتعطشة للسيارات الجديدة، مما يوفر فرصة فريدة لتحقيق مبيعات كبيرة بفضل الطلب المحلي المتزايد. وعليه قد تكون الأزمة الأوروبية الحافز الرئيس لجعل الجزائر مركزاً لصناعة السيارات، حيث ستتيح هذه الظروف فرصة ذهبية لشركات كبرى مثل “ستيلانتس” التي تملك علامات تجارية شهيرة كفيات وبيجو وأوبل، لتعزيز إنتاجها في بيئة أقل تحدياً من ناحية التشريعات، وأكثر جاذبية من حيث التكاليف.

وسيؤدي إنشاء مصانع إنتاج في الجزائر إلى تعزيز فرص التوظيف وخلق منظومة صناعية متكاملة تعتمد على تجميع وتصنيع السيارات ومكوناتها، مما يساهم في خفض تكاليف الاستيراد وتطوير الكفاءات الوطنية في هذا القطاع.

وبالإضافة إلى الفوائد الاقتصادية، يمكن أن يسهم وجود هذه الشركات العالمية في نقل المعرفة والتقنيات الحديثة إلى الجزائر، مما يساعد في بناء قدرات محلية ذات خبرة في صناعة السيارات.

ومع ارتفاع الطلب المحلي وتزايد الوعي بأهمية السيارات الموفرة للطاقة، يمكن أن تتحول الجزائر في المستقبل إلى مركز إقليمي رئيسي لتصنيع وتصدير السيارات، خاصة نحو دول أفريقية مجاورة تعاني من محدودية الإنتاج وتستورد معظم احتياجاتها من الخارج.

ومن هذا المنطلق، يبدو أن الأزمة الأوروبية قد تُشكّل فرصة ذهبية للجزائر لتأسيس صناعة سيارات محلية قوية ومستدامة، مدعومة بطلب محلي كبير وقدرة على تلبية احتياجات سوق إقليمية واسعة.