شهد الاقتصاد الجزائري نموا خلال 2022 ،بعد تحقيقه لمؤشرات إيجابية مست قطاعات أبرزها التصدير خارج المحروقات، المالية، النظام المصرفي والفلاحة، وهي كلها مؤشرات تنبئ بأن 2022…سنة اقتصادية بامتيـــــــــاز للجزائر.
وكان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون قد أكد أن الاقتصاد الجزائري بدأ يتعافى ويعرف حركية بعد سلسلة إصلاحات اقتصادية باشرتها الجزائر من أجل تحسين أداء الاقتصاد و رفع نسبة النمو من خلال دعم الصادرات خارج المحروقات ومراجعة قانون الاستثمار بالقضاء على العراقيل البيروقراطية و تبسيط الإجراءات الإدارية.
وكانت قد وصفت سنة 2022…سنة اقتصادية بامتيـــــــــاز للجزائر، حيث ارتفعت قيمة الصادرات خارج قطاع المحروقات بنسبة 87% أي ب 3,91 مليار دولار نهاية جويلية 2022 ، وسط توقعات ببلوغ 7 مليار دولار قبل نهاية العام الحالي.
عمل وانجاز
وفي هذا الصدد، أكد الخبير الاقتصادي الهواري تيغرسي في تصريح خص به موقع ” سهم ميديا ” على ضرورة تفعيل الطاقات الإنتاجية ليتحقق ذلك من خلال قانون الاستثمار الجديد، موضحا أنه في حالة توفير منظومة إنتاجية ترتكز على قوانين تتماشى و قانون الاستثمار الجديد ستصل الجزائر إلى هذا الرقم من صادراتها خارج المحروقات.
واعتبر تيغرسي أن المراحل القادمة تتطلب قوانين أخرى كقانون النقد، القرض، الشراكة بين القطاع العام والخاص، البلدية والولاية لترقية الاقتصاد الجزائري وتحقيق منظومة اقتصادية فعالة في قطاعات المناجم والفلاحة وغيرها من القطاعات الاستراتيجية، لاسيما وأن الجزائر لديها كل الامكانيات لتجسيد ذلك.
أزمة نافعة
أما فيما يتعلق بصادرات المحروقات فمن المتوقع أن تبلغ 50 مليار دولار على أساس متوسط سعر يفوق 100 دولار للبرميل أي زيادة بنسبة 45% في 2022 مقارنة بإنجازات 2021، تأتي هذه القيمة بعد ارتفاع أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية جراء الأزمة الروسية الأوكرانية.
واعتبرت تقارير دولية أن الاقتصاد الجزائري استفادت كثيرا من الارتفاع الذي مس قطاع المحروقات في العالم، كونها دولة منتجة للنفط والغاز معا، وباتت حاليا قبلة أوروبا للتزود بالغاز الجزائري في ظل نقص امدادات الطاقة الروسية في القارة العجوز، كما توقع الخبراء الاقتصاديون زيادة في قيمة صادرات الجزائر للمحروقات بعد دخول مشروع أنابيب الغاز العابر للصحراء الرابط بين الجزائر والنيجر ونيجيريا.
فائض ضرفي
وعلى صعيد الميزان التجاري للجزائر وما حققته في 2020 فإنه سجل عجزا ب 10,6 مليار دولار. اما في 2021 فقد عرف فائضا ب 1,6 مليار دولار، في حين سجل أيضا فائضا ب 8,89 مليار دولار في 2022. أما بالنسبة إلى النظام المصرفي و المالي للجزائر، فقد تم إحصاء 1646 وكالة بنكية في أوت 2021 و 1692 وكالة بنكية في جوان 2022.
وتعليقا على هذه المؤشرات، قال الأستاذ في الدراسات الاجتماعية والإنسانية والخبير في المالية، لخضر يدروج في تصريح أدلى به ل” سهم ميديا “، أنها ايجابية لكنها ظرفية لأنها مرتبطة بحجم الصادرات الخاصة بالمحروقات و ارتفاع أسعارها في ظل الحرب التي تجري حاليا بين روسيا و أوكرانيا، و من هذا المنطلق فإن تحقيق فائض في الميزان التجاري في النصف الأول من العام الجاري له مبرراته.
وفي سياق ذي صلة، أرجع الخبير يدروج سبب تحقيق فائض في الميزان التجاري إلى ارتفاع في حجم الصادرات النفطية بسبب ما تطلبته الظروف العالمية الاستثنائية و التي بدأت بتعافي العالم من فيروس كورونا و بالتالي انتعاش السوق النفطي العالمي من جهة. و من جهة أخرى فإن المواجهة العسكرية الروسية الاوكرانية و ما رافقها من قرارات أدت إلى زيادة على الطلب العالمي. كما أن الانتاج الجزائري من النفط قد ارتفع بنسبة 2% مقارنة بالعام السابق.
تغيرات أسعار النفط
وأضاف يدروج في سياق تصريحه أن تحسن الميزان التجاري يعود بدرجة أساسية إلى ارتفاع أسعار النفط ومن المتوقع أن يصل معدل السعر هذا العام 100 دولار بعد أن كان لا يتجاوز 71 دولار عام 2021 و أقل من 43 دولار عام 2020. و بهذا من المنطقي أن يتحسن الميزان التجاري. ناهيك عن احتساب ميزانية الجزائر يكون دائما بسعر مرجعي أقل من سعر السوق و بالتالي فإن الفوائض المالية تكون بأثر ايجابي على الميزان التجاري.
إقرأ أيضا: ارتفاع صادرات الجزائر خارج المحروقات إلى 3,91 مليار دولار نهاية جويلية 2022
وقال لخضر يدروج أن المتغيرات الدولية انعشت أسواق النفط و المحروقات مما أدى إلى ارتفاع أسعارها. و في المقابل أبقت الجزائر على مستوى محدود من الواردات. لأن الزيادة المسجلة مقارنة بالعام الماضي لم تتجاوز ثلاثة مليار دولار. و نتيجة لذلك أدت سياسة مراقبة الواردات إلى ابطاء انخفاض المخزون من العملة الصعبة. فلو استوردنا السيارات كباقي البلدان لكانت الفاتورة للمركبات وحدها بحدود مليارين دولار لهذه الفترة. على حد قوله.
وأردف ذات المتحدث في سياق تصريحه أن ارتفاع قيمة الصادرات بنسبة 57,3% مقابل ارتفاع لا يزيد عن 7,4% للواردات. لا يمكن اعتبار الفائض في الميزان التجاري مؤشرا يمكن الاستناد عليه في الوقت الحالي. معتبرا أن الحديث عن فائض تجاري من الناحية الاقتصادية في حالة الجزائر لا يعدو الا أن يكون ظرفيا. ما دام التصدير يرتكز على المحروقات على الرغم من ارتفاع الصادرات خارج النفط.
انتاج فلاحي
و بالنسبة للنظام المالي و المصرفي. شدد المحلل الاقتصادي على وجوب أن تعتمد الحكومة على رقمية المعاملات المالية. لتكون الجزائر مركزا اقليميا للمعاملات خاصة و أنها تخطط لزيادة حجم التبادلات التجارية من و الى إفريقيا. ضف إلى ذلك دعا ذات المحلل الى الاستفادة من الفائض في الميزان التجاري بشكل مفيد. ويكون ضمن أولويات سياسة الحكومة و اصلاح هيكلي للاقتصاد حتى نتجنب المؤشرات الظرفية.
وفي الشأن الفلاحي، فقد ارتفع الإنتاج ب 31% أي 3500 مليار دينار في 2021 و 4500 مليار دينار نهاية جويلية 2022. كما عرف إنتاج مادة الحبوب 27,6 مليون قنطار في العام الماضي. بينما سجل إنتاجها خلال العام الجاري 41 مليون قنطار. وفي هذا الإطار ثمن خبراء في قطاع الفلاحة السياسة التي انتهجتها الحكومة. في تحديد المناطق التي تتم فيها زراعة الشعب الاستراتيجية. التي تعول عليها بلادنا والمتمثلة في الحبوب، السلجم الزيتي لانتاج زيت المائدة والسكر. لتحقيق اكتفاء ذاتي فيها وتخفيض فاتورة استيرادها، هذا ما أكده الرئيس تبون مرارا وتكرارا.
إقرأ أيضا: خام النفط الجزائري يتصدر أغلى خامات نفط ” أوبك”
ومع إطلاق الجزائر لقانون الاستثمار الجديد خلال العام الجاري. تم تسجيل 1752 مشروع لدى الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار. أسفر عن استحداث 41382 منصب شغل مباشر في البلاد. يأتي هذا بالتزامن وإعادة بعث المؤسسات الصناعية العمومية المتوقفة من جديد ودمجها في الإنتاج الوطني. حتى تكون قيمة مضافة للاقتصاد الوطني يعول عليها على المدى القريب والمتوسط والبعيد.
وتسعى الجزائر إلى تقوية إقتصادها أكثر برفع قيمة صادراتها خارج قطاع المحروقات. والتركيز على إنتاجها الوطني في جميع المجالات. وتحقيق اكتفاء ذاتي في بعض الشعب كمرحلة أولى. وولوج عالم التصدير والانضمام إلى منظمات اقتصادية لتكون قوة فاعلة في الاقتصاد العالمي.