تشهد الجزائر توجهًا استراتيجيًا جديدًا نحو الزراعة، مع تسجيل وزارة الفلاحة والتنمية الريفية استثمارات أجنبية كبرى جديدة في مجال الزراعات الاستراتيجية، خصوصًا في الولايات الجنوبية. يأتي ذلك ضمن “الرواق الأخضر”، الذي يقدم تسهيلات للاستثمار الفلاحي في هذه المناطق.
وأوضح وحيد تيفاني، مدير التنظيم العقاري واستصلاح الأراضي بوزارة الفلاحة، أن الوزارة تعمل حاليًا على دراسة العديد من المشاريع الكبرى في إطار الرواق الأخضر، مؤكداً أن بعضًا منها قد دخل حيز التنفيذ ويسعى للحصول على مساحات إضافية لتوسيع نشاطه.
دعم الدولة للمشاريع الزراعية في الأراضي الصحراوية
وكجزء من استراتيجية تعزيز الزراعة في المناطق الجنوبية، أعلن الديوان الوطني للزراعة الصناعية بالأراضي الصحراوية عن خطط لإطلاق محافظ استثمارية جديدة تهدف إلى استصلاح المزيد من الأراضي عبر مختلف الولايات الجنوبية.
وسيتم طرح مساحات مسترجعة لم يتم استغلالها سابقًا، لتقديمها للمستثمرين الجادين.
ومنذ عام 2021، تم توفير 54 محيطًا للاستصلاح الزراعي، تغطي حوالي 460 ألف هكتار في تسع ولايات جنوبية. استفاد منها 431 مستثمراً، مع تطلع الوزارة إلى تحقيق إنتاجية عالية من هذه المستثمرات.
حل المشكلات المتعلقة بالبنية التحتية الزراعية
وعلى الرغم من أن العديد من المستثمرات لم تدخل بعد حيز الإنتاج الكامل، إلا أن وزارة الفلاحة تعمل على مواجهة التحديات التي تعترض طريق المستثمرين، مثل مشاكل المياه والكهرباء الفلاحية وفتح المسالك الزراعية.
وكشف تيفاني عن أن السلطات قامت بتعديل المسافة المرجعية بين الآبار لتسهيل استغلال الأراضي، مما سيساهم في زيادة نسبة المساحات المستغلة فعليًا من 50% إلى 65%.
وفيما يخص الكهرباء، أوضح المسؤول أن أغلب المستثمرات ليست بعيدة عن نقاط الربط الكهربائي، مما يسهل ربطها بالشبكة بتكلفة أقل نسبيًا، مشيدًا بالمستثمرين الذين تمكنوا من إيجاد حلول مبتكرة لتجاوز مشكلة الكهرباء.
الجزائر على الطريق نحو أن تصبح قوة زراعية
ومع التوسع في استصلاح الأراضي الصحراوية وتسهيلات الرواق الأخضر، تسير الجزائر بخطى ثابتة نحو تعزيز مكانتها كقوة زراعية. فهذه الاستثمارات الجديدة تعزز الإنتاجية في مجال الزراعة الصناعية، وتضع البلاد في مسار نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من المنتجات الزراعية الاستراتيجية، كما تفتح الباب أمام فرص تصديرية جديدة.
متابعة ومراقبة مستمرة للمشاريع
وتواصل وزارة الفلاحة عقد لقاءات دورية مع المستثمرين لحل المشكلات العالقة ومتابعة مدى تقدم المشاريع.
كما تؤكد الوزارة على التزامها باسترجاع الأراضي غير المستغلة وإعطائها لمستثمرين أكثر جدية، مع ضرورة الالتزام بدفتر الشروط وعدم تحويل المشاريع الزراعية إلى قطاعات غير استراتيجية إلا بموافقة مسبقة من الوزارة.
وتأتي هذه الجهود كجزء من رؤية أوسع لجعل الجزائر لاعبًا رئيسيًا في الساحة الزراعية الإقليمية والدولية، من خلال الاستفادة من مواردها الطبيعية والمناخية المتنوعة وتقديم دعم قوي للمستثمرين المحليين والأجانب.