تشهد الجزائر إطلاق السنة الجامعية 2024-2025 تحت شعار “جودة التعليم العالي”، وهو ما يعكس التوجه الجديد نحو تحسين الأداء الأكاديمي والبحثي وتعزيز العلاقة بين الجامعة والاقتصاد الوطني.
ويأتي هذا التوجه في إطار استراتيجيات تطويرية تستهدف النهوض بقطاع التعليم العالي ليصبح أكثر تكاملاً مع المتطلبات الاقتصادية والتنموية للبلاد.
التركيز على تعزيز الاقتصاد من خلال التعليم
وأكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي، كمال بداري، أن الجامعات الجزائرية باتت تلعب دوراً مهماً في رفع مكانة الجزائر إقليمياً ودولياً، ليس فقط في المجالات الأكاديمية والبحثية، بل أيضاً من خلال مساهمتها المباشرة في تعزيز الاقتصاد الوطني. هذه الاستراتيجية تعتمد على تعزيز جودة التعليم العالي، ما يجعل الجامعات أكثر قدرة على تلبية احتياجات السوق المحلية والدولية
وأشار الوزير خلال مداخلته على التلفزيون العمومي إلى أن التركيز على التعليم المتميز والتكوين النوعي يأتي في إطار رؤية اقتصادية أشمل تهدف إلى تحويل الخريجين إلى عناصر فاعلة في المجتمع، سواء من خلال الإبداع والابتكار أو عبر استحداث مناصب شغل في مختلف القطاعات الاقتصادية.
إقرأ أيضا: تبون ورؤية “الجزائر المنتصرة”: مسار التحول نحو قوة اقتصادية واعدة
الاستثمار في البنية التحتية التعليمية
وفي إطار تعزيز القدرة الاستيعابية للجامعات، كشف الوزير أن العام الدراسي الجديد سيشهد استلام 31 ألف مقعد بيداغوجي جديد، و12 ألف سرير للإقامة الجامعية. هذه التوسعات تأتي استجابة لتزايد عدد الطلاب وتؤكد الاهتمام المستمر بتحسين ظروف التعليم العالي.
بالإضافة إلى ذلك، شهدت ميزانية القطاع ارتفاعًا بنسبة 60% بين عامي 2020 و2024، وهو ما يعكس الاستثمار الحكومي المستمر في تحسين التعليم وتوفير البيئة الملائمة لتأهيل الطلاب ليكونوا جزءاً من الدورة الاقتصادية.
تحسين النسب الاستيعابية والرفع من جودة التعليم
من بين التدابير الاقتصادية الهامة التي اتخذتها وزارة التعليم العالي. تقليل عدد الطلاب لكل أستاذ جامعي ليصبح 22 طالبًا بدلًا من 25 طالبًا. هذا التغيير يهدف إلى تعزيز جودة التعليم والتفاعل بين الطلاب والأساتذة. ما ينعكس إيجابيًا على مهارات الخريجين وقدرتهم على التكيف مع سوق العمل.
ربط الجامعات بالاقتصاد الوطني
وإدراكًا لدور الجامعة في دعم الاقتصاد الوطني، صرح الوزير بأن الهدف الأساسي هو جعل الجامعات الجزائرية أكثر اتصالاً بالمحيط الاقتصادي. ويأتي هذا من خلال تشجيع الطلاب على الإبداع والابتكار. مع توفير بيئة ملائمة لتطوير أفكارهم إلى مشاريع اقتصادية.
وفي هذا الصدد، تم استحداث 117 حاضنة أعمال و107 مراكز لتطوير المقاولاتية لمرافقة أصحاب الأفكار المبتكرة من الطلاب، بهدف دعم الاقتصاد الوطني عبر إنشاء شركات ناشئة تسهم في توفير فرص عمل وتعزيز التنمية.
إقرأ أيضا: قرارات تبون: التجارة الخارجية تحت المجهر لحماية المواطن والسوق
الجامعة الجزائرية كمحرك للتنمية الاقتصادية
أشار السيد بداري إلى أن التوجه نحو تحقيق “الجامعة من الجيل الرابع” يتماشى مع تطور المشهد الاقتصادي العالمي. حيث تسعى الجزائر إلى تعزيز قدرتها على المنافسة العالمية. من خلال توفير تعليم حديث ومتطور، يخدم السوق المحلي والدولي.
كما أن استقطاب آلاف الطلاب الأجانب، خاصة من الدول الإفريقية والعربية، يعزز من دور الجزائر كمركز تعليمي إقليمي، وهو ما يسهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية والثقافية مع هذه الدول.
الرقمنة: سبيل لترشيد النفقات وتطوير الأداء
أحد الجوانب الاقتصادية المهمة التي ركز عليها الوزير هو عملية الرقمنة الشاملة. التي يشهدها قطاع التعليم العالي، تحت شعار “الفعالية والتبسيط”. حيث تم استحداث 60 منصة رقمية، ساعدت في تقليل استخدام الورق وتوفير النفقات في مجالات التسجيل والخدمات الجامعية. هذه الإجراءات تهدف إلى تحقيق توفير مالي كبير للدولة. وتسهيل العمليات الإدارية للطلاب والأساتذة على حد سواء.
تظهر السياسات الحالية التي تنتهجها وزارة التعليم العالي أن التعليم الجامعي ليس مجرد هدف أكاديمي. بل هو جزء لا يتجزأ من استراتيجية التنمية الاقتصادية الشاملة في الجزائر. تعزيز جودة التعليم، وتطوير البنية التحتية، والربط المباشر بين الجامعات والمحيط الاقتصادي. كل هذه الجهود تؤكد أن قطاع التعليم العالي أصبح أحد المحركات الرئيسية لتحقيق نمو اقتصادي مستدام في الجزائر.