أكد رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, اليوم الخميس بالجزائر العاصمة, أن النهضة الاقتصادية التي تعيشها الجزائر تستلزم مواصلة الجهود وتكثيفها, عبر خطوات مكملة للمكاسب التي تم تحقيقها, بهدف رفع حجم الصادرات خارج المحروقات.
وأوضح رئيس الجمهورية في كلمة ألقاها خلال إشرافه على احتفالية الطبعة الثانية لجائزة رئيس الجمهورية لأحسن مصدر التي أقيمت بالمركز الدولي للمؤتمرات “عبد اللطيف رحال”, أن “النهضة الاقتصادية التي تعيشها بلادنا تستلزم مواصلة الجهود وتكثيفها, وتعزيز هذا المسار الاقتصادي الوطني بخطوات مكملة للمكاسب التي حققناها”.
ومن بين هذه الخطوات, التي ذكرها رئيس الجمهورية, إعادة رسم خريطة التجارة الخارجية للبلاد, بما تقتضيه المنفعة الوطنية والتحديات الجيوسياسية في العالم, تحرير صادرات بعض القطاعات الانتاجية, التي فاقت قدراتها الاحتياجات الوطنية, على غرار مادة الزيت والسكر والعجائن, بالإضافة إلى خلق قواعد لوجستية موجهة للتصدير على مستوى كل الأقطاب الاقتصادية.
كما أشار رئيس الجمهورية في هذا الصدد إلى توسيع شبكة البنوك الجزائرية في الخارج وبالأخص في إفريقيا, فتح خطوط تجارية جوية وبحرية لتعزيز الدور المحوري للجزائر في المنطقة, فتح الاستثمار للخواص والأجانب في مجال شبكات التوزيع الكبرى, وكذا السماح للمصدرين باستخدام نظام القبول المؤقت لرفع نسبة صادراتهم في المنتجات ذات القيمة المضافة العالية.
وفي سياق متصل, أكد رئيس الجمهورية أن رهان التخلص التدريجي من أشكال التبعية الاقتصادية لاسيما ما تعلق منها بأمننا الغذائي, يبقى من “أولى الأولويات”.
ولفت رئيس الجمهورية إلى أن الجزائر شرعت في تنفيذ “إصلاحات عميقة وهيكلية لتصحيح الاختلالات في المجال الاقتصادي, من خلال تحسين بيئة الاستثمار, وترقية التجارة الخارجية, وتشجيع المبادرات, واعتماد الرقمنة وإصلاح السياسة النقدية, بما يستجيب لمقتضيات التحولات الاقتصادية في العالم”.
وبالرغم من تداعيات جائحة كورونا, يقول رئيس الجمهورية, “تمكنا من تجاوز الصعوبات ووصلنا, بفضل الله والإصرار على تعبئة إمكانيات البلاد وتسخير الجهود لإنعاش الاقتصادي الوطني, إلى تحقيق معدل نمو متقدم قدر ب 4,2 بالمائة, وبلوغ ناتج محلي قدره 260 مليار دولار, مع ارتفاع احتياطي الصرف إلى 70 مليار دولار”.
علاوة على ذلك, تم تسجيل أرقام غير مسبوقة في مجال الصادرات خارج المحروقات والتي قاربت عتبة 7 مليار دولار, يضيف رئيس الجمهورية, معتبرا أن هذه النتائج الإيجابية “تترجم واقعيا وفي الميدان الإرادة القوية لكسب رهان الخيارات الإستراتيجية التي اعتمدناها تجسيدا للالتزامات التي تعهدنا بها”.
وتابع بالقول: “المؤشرات الإيجابية المسجلة في العديد من القطاعات تسمح لنا اليوم بأن نقول وبكل ثقة بأن قطار الإصلاحات يسير إلى الوجهة الصحيحة نحو تطوير الاقتصاد الوطني وتنويع مصادره, والتقدم على مسار الانخراط في سلاسل القيم العالمية, وبلوغ أزيد من 400 مليار دولار كناتج محلي نهاية سنة 2027”.
تحويل الطريق العابر للصحراء إلى رواق اقتصادي
وأضاف رئيس الجمهورية بالقول: “إن رؤيتنا للإنعاش الاقتصادي, ارتكزت على ضرورة تسخير كل طاقات الأمة ومنها أنتم المتعاملون الاقتصاديون, منتجون ومصدرون, باعتباركم خلاقين للثروة وسفراء المنتوج الجزائري في الأسواق العالمية, لإنجاح رؤية 2020 – 2030 لسياسة التجارة الخارجية”.
ومن خلال هذه الرؤية تم استهداف الوصول إلى رقم 29 مليار دولار سنة 2030, كصادرات خارج المحروقات, حسب رئيس الجمهورية الذي أكد أن تحقيق ذلك يكون من خلال التركيز على الاستثمار في القطاعات الاقتصادية الواعدة لاسيما, الفلاحة الصناعات الثقيلة, الصناعات التحويلية, الصناعة الصيدلانية, المناجم, وقطاع السياحة والخدمات.
ولتجسيد هذه الأهداف, يضيف رئيس الجمهورية, “سنستند على بنية تحتية قوية, وتشهد الجزائر بدايات استغلالها تزامنا مع تنفيذ هذه الرؤية, على غرار مشروع منجم “غار جبيلات” الذي سيصنف الجزائر في مصف أكبر الدول المالكة لاحتياطات الحديد في العالم”.
ويضاف هذا المشروع إلى مشروعي الفوسفات والزنك, “اللذين سيمكنان بلادنا من اعتلاء مرتبتها ضمن أكبر الدول المصدرة لهذه المواد”, يؤكد رئيس الجمهورية.
وأشار رئيس الجمهورية إلى أن هذه “المشاريع الاستراتيجية الكبرى”, تضاف إلى استلام مشاريع ذات بعد قاري, كالطريق الذي يربط تندوف بالزويرات (موريتانيا) ومشروع الطريق العابر للصحراء الرابط بين الجزائر ولاغوس بنيجيريا, و”الذي قررنا تحويل جزئه الجزائري إلى رواق اقتصادي, ونراهن عليه للولوج بقوة للسوق الإفريقية”.
ويكون ولوج السوق الإفريقية من خلال ربط موانئ بلادنا في الشمال بالعمق الإفريقي للقارة, ليشكل محورا رئيسيا لتنمية التبادلات التجارية ومختلف الأنشطة الاقتصادية.
وأضاف رئيس الجمهورية بالقول: “كل هذا تم تعزيزه بإطلاق مشاريع المناطق الحرة الحدودية, والمعارض الدائمة للمنتجات الجزائرية, وكذا فتح فروع لبنوك جزائرية في كل من موريتانيا والسنغال”.
وعبر رئيس الجمهورية في ختام كلمته عن يقينه بأن “هذا التوجه المدروس بعناية والمتسم بالطموح والجرأة والمستند على الثقة في إمكانيات الجزائر, هو توجه يفتح كل الأبواب أمامكم كمنتجين ومصدرين لمزيد من خلق الثروة, وتوسيع مجالات استيعاب البطالة, والرفع من قدرات الإنتاج في العديد من القطاعات”.
كما أكد رئيس الجمهورية أن النتائج التي حققها المصدرون كل في مجاله “إلا دليل على أن المناخ الاقتصادي أصبح بالفعل يوفر الحوافز الكفيلة بالوصول إلى النجاعة والتنافسية في جزائر ترفع من سقف تحدياتها, لأن لها كل المؤهلات بأن تحتل موقعها كدولة قوية ومؤثرة, وكشريك موثوق ومتفتح على التعاون والشراكة
إقليميا ودوليا”.
وبالمناسبة, وجه رئيس الجمهورية شكره إلى الشباب على جهودهم في خلق المؤسسات الناشئة “التي تعد اليوم بالآلاف والتي تساهم في خلق آلاف مناصب الشغل”.