وجه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون رسالة ، بمناسبة الذكرى 62 لعيد النصر، هذا نصها:
“بسم الله الرحمن الرحيم والصّلاةُ والسّلامُ على أشرف الـمرسلين،
أيّتُها الـمُواطِناتُ، أيُّها الـمُواطِنُون،
نَحْتَفِي في التاسِع عَشَر (19) مِنْ مارس بعيدِ النَّصر، وَفي هَذِهِ الـمُناسبة الوَطنِيَّة الخَالِدة نَسْتَذكِرُ باعتِزَازٍ كِفَاح الشَّعب الجزائري الـمَرِير وَتَضحِياتِهِ الجَسِيمَة مِنْ أجْلِ الحُرِيَة والانعتاق خِلال حَرب التَّحرير الـمُباركة الّتي تُوِّجَتْ بَعْدَ آلامٍ وَمَآسٍ تَجَرَّعَ الشَّعْبُ مَرَارَتَها بِصَبْرٍ وَثَبَات بالاستقلالِ واستعادةِ السِيَادَةِ الوَطنيّة.
إنَّ هَذِهِ الـمُنَاسَبَة الّتي نُخَلِّدُ اليومَ ذِكْرَاهَا الثانِيَةِ وَالستين (62) كَانَتْ مَحَطةَ الوُصُولِ بَعْدَ مَسِيرَةِ نِضَالٍ وَطنيٍّ طَوِيلٍ خِلال الحَرَكة الوَطنِيَّة .. وَكِفَاحٍ مُسَلَّحٍ عَظِيم على مَدى سَبْع سنواتٍ ونصف، ضَحَّى فِيها الشَّعبُ الجزائريّ بِقَوَافِلِ الشُّهدَاء، وَسَجَّلَها التَّاريخُ مِنْ أَعْظَمِ مَلاحِم الدِّفَاعِ عَنِ الحُرِيَّةِ وَالكَرَامَة في العَصرِ الحَدِيث.
لَقَدْ انْبَثَقَ فَجْرُ استقلال الجَزائر مِنْ هَذا الحَدَث التَّاريخيّ، بَعْدَ هَيْمَنَة الاستعمار الاستيطانيّ لأَكْثَرَ مِنْ مَائةٍ وَثَلاثين سَنَة، ليُسْقِطَ أُكْذُوبَة وَدِعايَةَ ” الجَزائر فَرنسية ” الّتي كان غُلاةُ الاسْتِعماريّين الـمُستوطنين يَتَشَبَّثُونَ بها، وَبَعدَ أَنْ تَأَكَّدَ لَهُم وَللعالم أَن الثُّوَارَ البَوَاسِل الّذين تَصَدَّوا لآلَةِ الحَرْبِ وَالتَّدْمِيرِ ولسياسة الأرضِ الـمَحروقة بِإصرار الـمُحاربين الأشاوِس الصَّامِدين، قَد حَسَموا أمْرَهُم فَإمَّا الشهادة أو النَّصر.
وإنَّنا إِذْ نَحْتَفِي في هذا التاسع عَشر مِنْ مارس بذكرى عيد النَّصر لِتَجديد العَهد مَع الشُّهدَاء الأبرَار، لَعَاقِدُونَ العَزْم على الـمُضي في الجزائر الجديدةِ إلى الغَايات الّتي حَدَّدتْـها رِسالةُ نُوفمبر الخَالدة تَعزيزًا لِلسِّيادَة الوطنيّة، واستقلالية القرار الوطنيّ، بالسَّعي الدَّائم وَالصَّارِم للوُصول باقتصادنا الوطنيّ إلى مُستوياتِ النَجَاعَة وَالتنافُسيّة، وبالعَمل على صَوْنِ الطَّابع الاجتماعي للدولة، مِن خلالِ التعزيز الـمُتواصل للـمَكاسِب غَير الـمَسبُوقَة الـمُحقَّقة على أوْسَعِ نِطاق لِضَمان العَيْشِ الكَريم وَحِفْظِ كَرَامَةِ الـمُوَاطن.
أيّتُها الـمُواطِناتُ، أيُّها الـمُواطِنُون،
نَحْتَفِي بهذه الذِّكرى الخالدة في ظُروفٍ إقليميةٍ ودولية، تَسْتَوجبُ تَكاتُف جهودِ الجَميع لِرَصِّ الصُّفوف، وَتَقْويَةِ الجبـهةِ الدَاخلية، وَتَستدعي تَرتِيبَ الأولويات مِنْ مَنظورٍ وَطنيٍّ إستراتيجيّ، وَمِنْ مُنطلقِ ضَرورةِ الاضطلاع بِالـمَسؤوليّات على أكمَلِ وَجه إزاءَ التَّحَدِياتِ التي تُواجه بلادنا، وفي مُقدِّمتها الحِرصُ على الـمُساهَمَةِ الجَمَاعِية الوَّاسِعَة في حِفْظِ الاستقرار الّذي يَنْعَمُ بِهِ الشَّعب الجزائري في جِوَارٍ يَتَّسِم بِالتَّوَتُر الـمُنْذِرِ بِتَـهديدِ السِّلم وَالأمن في الـمنطقةِ، وفي عالمٍ تَطْبَعُه نِزَاعاتٌ وصراعات واستقطابات مُعَقَّدة، وإنَّني في هذهِ الـمُناسبة لأُحَيّي الـمُواطنات والـمُواطنين لـِمَا يَتحلَّون بِهِ مِنْ وَعيٍّ وطنيٍّ عال، وَأُنوّه بِالجُهود الـمَحْمُودة للفَاعلين في سَاحةِ النَّشاطِ الجَمْعَوي وَالـمُجتمع الـمَدَني، وأُشيد عاليًا بالرجال الأشداء الـمرابطين على الحُدودِ مِن أفرادِ الجيش الوطنيّ الشعبيّ، وَبِمَا يَبذله السَّاهِرُون على الطمأنينة والسكينة في الـمُجتمع من أسلاك الأمن، الّذين يَحرصون بِأقصى دَرَجاتِ اليَّقَظة عَلى أَدَاءِ مَهَامِّهُم النَبيلة .. وَمَعَهُم جَميعًا أتَرَحَّمُ على شُهداءِ الوَّاجِب الوَطنيّ .. وَشُهدَاءِ ثَورة التَّحرير الـمَجيدة، وأتوجَّه إلى أخواتي الـمُجاهِدَات وإخوَاني الـمُجاهدين بالتَّحية وَالتَّقدير، مُجدِدًا لَكُنَّ وَلكُم في هذه السَّانحة أَحَر التّهاني وَنَحنُ نَعيشُ أَجْوَاء رمضان الـمُبارك، وَتَقَبل الله صِيَامَكم وَقِيَامَكم.
” تَحيَا الجَزائِـر “
الـمَجْد والخُلودُ لِشُهدائِنَا الأبرَار
والسّلامُ عَليكُم ورَحمَةُ اللهِ تَعالى وَبركاتُه.”