أكد سفير جمهورية الصين الشعبية في الجزائر، لي جيان، أن العلاقات بين بلاده والجزائر في مسار تصاعدي مستمر، مع تطلع الصين لتعميق التعاون ورفع مستوى الشراكة الإستراتيجية بين البلدين.
جاء هذا التأكيد خلال حفل استقبال أقيم في قصر الثقافة “مفدي زكريا” بالعاصمة الجزائرية، بمناسبة الذكرى الـ75 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية.
وتُعد الجزائر شريكًا مهمًا للصين في المنطقة العربية والإفريقية، حيث تطورت العلاقات الثنائية منذ استقلال الجزائر. وتأتي هذه العلاقة في إطار سياسة الصين لتوسيع نفوذها العالمي، خصوصًا من خلال مبادرة الحزام والطريق، التي تعد الجزائر أحد أهم ممراتها في شمال إفريقيا.
ويتميز التعاون الجزائري-الصيني بالمرونة والتنوع، حيث يشمل مجالات متعددة مثل الطاقة، البنية التحتية، والاتصالات. وبفضل المشاريع المشتركة بين البلدين، شهدت الجزائر تطورًا ملحوظًا في تحسين بنيتها التحتية، مثل المشروعات الطاقوية التي تعزز دور الجزائر كمركز إقليمي للطاقة.
وتسعى الصين إلى الاستفادة من موقع الجزائر الاستراتيجي، ليس فقط في تأمين إمداداتها من الطاقة والمواد الخام، بل أيضًا في تعزيز تواجدها في الأسواق الإفريقية والأوروبية. هذه الشراكة الاستراتيجية تعكس الرؤية المشتركة للبلدين نحو مستقبل مزدهر يعتمد على التعاون والشراكات المثمرة.
الإصلاحات الجزائرية: الأساس لشراكة أقوى
أشاد السفير الصيني بالإصلاحات التي باشرتها الجزائر منذ 2019، مشيرًا إلى أنها تمثل نقطة تحول مهمة في تاريخ البلاد، حيث ساهمت في تعزيز كفاءة الإدارة ودفع عجلة الاقتصاد المتنوع. تأتي هذه الإصلاحات ضمن استراتيجية الجزائر لتنويع اقتصادها بعيدًا عن الاعتماد على النفط والغاز، وهو ما يتماشى مع التوجهات العالمية نحو بناء اقتصادات أكثر استدامة وتنافسية.
وتشمل هذه الإصلاحات تحسين بيئة الأعمال والاستثمار، حيث نجحت الجزائر في جذب استثمارات أجنبية جديدة، وخاصة من الصين، من خلال تطوير قوانين تحفيزية ومزايا ضريبية للمستثمرين. إلى جانب ذلك، تعمل الجزائر على تحسين الحوكمة وزيادة شفافية الإدارة، وهو ما يسهم في خلق بيئة أكثر جاذبية للاستثمار الأجنبي.
كما تلعب الصين دورًا رئيسيًا في دعم هذه الإصلاحات من خلال استثماراتها في قطاعات مثل الصناعة، البناء، التكنولوجيا، والطاقة المتجددة. كما تعمل الدولتان على تعزيز التعاون في مجال الرقمنة والزراعة الحديثة، وهي مجالات استراتيجية تمثل الأساس لتنمية مستدامة ومتنوعة في الجزائر. تحسين بيئة الأعمال في الجزائر يعزز أيضًا من فرص الشراكة مع الصين، ما يساعد البلدين على تحقيق أهدافهما الاقتصادية المشتركة.
تعزيز التعاون الثنائي: الرقمنة والصناعة والزراعة الحديثة
أحد أهم المحاور التي ركز عليها السفير الصيني في كلمته هو تعزيز التعاون بين الجزائر والصين في مجالات الرقمنة، الصناعة، والزراعة الحديثة. تعتبر هذه المجالات من القطاعات الحيوية التي تسعى الجزائر إلى تطويرها في إطار استراتيجيتها لتحقيق التنويع الاقتصادي.
في مجال الرقمنة، تعمل الجزائر بالتعاون مع الشركات الصينية على تحسين البنية التحتية الرقمية وتحديث القطاع الحكومي ليكون أكثر كفاءة وشفافية. هذا التعاون لا يقتصر على تطوير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فحسب، بل يمتد أيضًا إلى تعزيز الاقتصاد الرقمي الذي يُعد محركًا أساسيًا للنمو في العصر الحديث.
أما في القطاع الصناعي، فقد شهدت الجزائر تدفق استثمارات صينية كبيرة، خاصة في مجال التصنيع والبناء. الصين، باعتبارها أحد أكبر المستثمرين الأجانب في الجزائر، تسهم في تطوير قطاع التصنيع من خلال إنشاء مصانع وشراكات مع الشركات المحلية. في القطاع الزراعي، يمثل التعاون بين البلدين فرصة لتعزيز الزراعة الحديثة في الجزائر، خاصة فيما يتعلق بالتقنيات الزراعية المتقدمة والري الذكي.
كل هذه الجهود تعزز من مكانة الجزائر كشريك استراتيجي للصين وتساهم في تحقيق الأهداف المشتركة، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى رفع مستوى الشراكة الإستراتيجية بين البلدين وتحقيق المزيد من النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة.