تتوجه الجزائر بخطى ثابتة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال زراعة القمح والشعير، وهو ما أكده وزير الفلاحة يوسف شرفة في اجتماعه الأخير.
الخطة الطموحة التي وضعتها وزارة الفلاحة، والتي تستهدف زراعة 1.6 مليون هكتار من القمح الصلب خلال موسم 2024-2025، تأتي في سياق الجهود المستمرة لتعزيز الأمن الغذائي والتخفيف من الاعتماد على الاستيراد.
إن مشروع زراعة القمح والشعير ليس فقط خطوة اقتصادية مهمة، بل أيضًا رهان استراتيجي يعكس طموح الجزائر في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتأمين احتياجات مواطنيها.
هدف مهم
تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الحبوب يعد أحد الأهداف الرئيسية للجزائر. خاصة مع تزايد الضغوط العالمية على أسعار المواد الغذائية وتقلبات الأسواق الدولية.
إن زراعة 1.6 مليون هكتار من القمح الصلب لا يعني فقط تخفيف العبء المالي عن الخزينة العامة. بل أيضًا ضمان استقرار إمدادات الغذاء للمواطنين في وقت تشهد فيه الأسواق العالمية اضطرابات متزايدة.
هذه الخطة تؤكد أن الدولة تولي أهمية قصوى لتوفير الغذاء من داخل حدودها. وهو أمر حيوي لضمان استمرارية تدفق المواد الغذائية الأساسية وتجنب الانقطاعات الناتجة عن أزمات الاستيراد أو نقص الإمدادات الخارجية.
إقرأ أيضا: الجزائر قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في شعبة الحبوب
تحديات محتملة
رغم التفاؤل الكبير، يجب أن نعترف أن هناك تحديات تواجه تحقيق هذه الأهداف الطموحة. أبرزها الظروف المناخية المتقلبة التي يمكن أن تؤثر على موسم الزراعة والحصاد. وعلى الرغم من الأمطار الخريفية المبكرة هذا العام، إلا أن التغيرات المناخية المستمرة قد تشكل تهديدًا محتملاً للمحصول.
كما أن التحدي المتعلق بتوفير البذور والأسمدة بشكل سلس للفلاحين يتطلب جهوداً تنظيمية وإدارية مستمرة من الديوان الجزائري المهني للحبوب لضمان انطلاقة ناجحة للموسم الزراعي.
هذا إلى جانب ضرورة تجاوز التأخيرات التي شهدها القطاع في مواسم سابقة. وهو ما أكد عليه الوزير بضرورة التزام الجميع بالجدول الزمني لتحقيق الهدف المنشود.
أثر اقتصادي
على المستوى الاقتصادي، تحمل هذه الخطة تأثيرات إيجابية مباشرة وغير مباشرة على المواطن الجزائري. إذا تم تحقيق الأهداف المرجوة، فإن الاكتفاء الذاتي سيعني تقليل الاعتماد على الاستيراد وتوفير موارد مالية يمكن استثمارها في مشاريع تنموية أخرى.
بالنسبة للمواطن، هذا يعني استقرار أسعار المواد الغذائية، خاصة القمح والشعير اللذين يعدان من الأساسيات في النظام الغذائي اليومي.
إن خفض تكاليف الاستيراد سيتيح للحكومة توجيه الموارد نحو تحسين الخدمات الأساسية والبنية التحتية. ما ينعكس بشكل مباشر على مستوى معيشة المواطن.
إقرأ أيضا: موسم الحصاد لسنة 2024 سيكون مرضيا
دعم الفلاحين والبنية التحتية
الدور الذي تلعبه الدولة في دعم الفلاحين يعتبر حجر الزاوية في إنجاح هذا المشروع. توفير البذور والأسمدة بكميات كافية، بالإضافة إلى تحسين قدرات تخزين الحبوب عبر تدشين مراكز تخزين جديدة، يظهر التزام الحكومة بمرافقة المنتجين وتوفير الظروف الملائمة لنجاح الموسم الزراعي.
كما أن التوزيع العادل لهذه الموارد بين الولايات والفلاحين يعزز من قدرة القطاع الفلاحي على تلبية احتياجات السوق المحلية. إن هذه التدابير تسهم في بناء نظام زراعي مستدام وقادر على الاستجابة للتحديات المتغيرة.
قاطرة نمو
لا شك أن القطاع الفلاحي يمكن أن يكون قاطرة لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام في الجزائر. ومع أهداف الحكومة الطموحة لزيادة الإنتاج، يمكن أن يصبح هذا القطاع محركًا رئيسيًا في الاقتصاد الوطني.
دعم الحكومة لإنتاج القمح والشعير يشير إلى أنها تعي جيدًا أهمية تنويع الاقتصاد والابتعاد عن الاعتماد الحصري على النفط والغاز. بالإضافة إلى ذلك، تعزيز استثمارات البنية التحتية الزراعية وتطوير قدرات التخزين والمعالجة. يسهم في تحسين سلسلة القيمة في القطاع ويضمن توجيه فوائده إلى مختلف الشرائح المجتمعية.
إن طموح الجزائر لتحقيق الاكتفاء الذاتي في القمح والشعير هو خطوة جريئة نحو تأمين المستقبل الغذائي للبلاد وتعزيز سيادتها الغذائية.
بتوفير الدعم اللازم للفلاحين وتوسيع القدرات الزراعية، تسير الجزائر على طريق تحقيق أهدافها الاقتصادية الطموحة. هذه الجهود لا تقتصر على تحسين الاقتصاد الوطني، بل تسهم أيضًا في تعزيز استقرار المجتمع وتوفير حياة أفضل للمواطنين.