افتتاحية سهم الشعب يختار الاستمرارية ومواصلة البناء

عبر كتاب جديد .. باحث جزائري يبرز أهمية دمج النقل في نهج إنمائي شامل

قطاعات

البروفيسور طاهر باوني باحث بالمدرسة المتعددة العلوم للهندسة المعمارية والعمران و مدير لمخبر بحوث في ذات المدرسة، حيث يدرس هناك لأكثر من 35 عامًا، يجمع في هذا العمل العديد من  الباحثين، معظمهم  من المتخصصين في التخطيط العمراني  و الهندسة المعمارية و التهيئة  الحضرية ، لمشروع كتاب يمثل مرجعًا أكاديميًا للجامعيين،و  كتابا   اعلاميا  للجمهور العادي، ولكن قبل كل شيء خارطة طريق لصانعي القرار.
 
يمتد الكتاب على أكثر من 360 صفحة ويتضمن بالإضافة إلى المقدمة اثني عشر فصلا. افرد البروفيسور باوني، بالتعاون مع باحثين من مختلف جامعات الجزائر، عدد لا يحصى من الدراسات والنصوص القانونية والخرائط والمراجع والنصوص التنظيمية و  التوضيحية، وذلك من أجل إعطاء قيمة نوعية للبحوث العلمية العابرة  التخصصات بشأن مسألة النقل والعمران في الجزائر.

في الفصل الثاني الذي نشره في هذا الكتاب، يشير البروفيسور باوني، الذي يضع رداء علم اجتماع لهذه المناسبة، إلى أن «الوضع الحالي للنقل الحضري في المدن الجزائرية مقلق» و يجد أن الوضع «تفاقم بسبب النمو الحضري المتفشي وسياسة إدارة الفضاء العام التي يصفها  “بالضعيفة”.

يوضح الأكاديمي في فصله المعنون «النقل الحضري في المدن الجزائرية» أن «الجمع بين النمو السريع للمدن والتخطيط الحضري الذي لا يعتمد على نظام نقل حضري متماسك لا يسبب فقط اختلالات حضرية كبيرة»، ولكن أيضًا «تدهور تدريجي في النقل الحضري بشكل عام والنقل العام بشكل خاص». علاوة على ذلك، فإن «الافتقار إلى التنسيق وتنظيم وسائط النقل لا يؤدي إلا إلى تعقيد حركة الناس في المدن».


 
قام مؤلفو هذا الكتاب ، الذين جمعوا بين العديد من الأطر التحليلية و الأدوات  المنهجية، بتحليل حالة النقل وحركة المرور التي «تشكل في الوقت الحاضر مشاكل رئيسية للتنمية الحضرية». ولدى تقييم السياسات العامة في هذا المجال، يشير الباحثون إلى أن «التنقل هو موضوع تحديات اقتصادية واجتماعية ومكانية وبيئية كبيرة»، ولكنه أيضاً يشكل  «تضارب مصالح معقد»، يشمل جميع الجهات الفاعلة الحضرية، ويؤدي أيضا في الوقت نفسه إلى توليد  العديد من التجارب والحلول.

تعرض نتائج الدراسات المختلفة التي تبنى عليها فصول هذا المؤلف الأكاديمي، أن تركيز سياسات التنمية على البنية التحتية للطرق  والمنشآت في المدن،  قد «شجع الاستخدام المفرط للسيارة وجمد جزئيًا مستقبل النقل العام الحضري». ومع ذلك، فإن «تحقيق مشاريع النقل كالمترو والترامواي  في العاصمة وكذلك انطلاق استعمال الترامواي في مدن وهران وقسنطينة وسيدي بلعباس و ورقلة وسطيف ومستغانم قد حسنت بشكل كبير الحياة اليومية للمواطنين و التنسيق الحضري.
 
يقترح الكتاب مجموعة من دراسات الحالة المتعلقة بالنقل الحضري بشكل عام والنقل العام في المدن الكبيرة والمتوسطة في مختلف مناطق البلاد. وكما يشير العنوان، فإن المقالات التي تشكل فصول هذا الكتاب تركز على مواطن القوة والضعف في النقل من حيث العرض والطلب، ومساهمة وسائط النقل الجديدة -في هذه الحالة المترو والترامواي- في دعم التنقل، و كذا مواطن الضعف والأعطال في تنسيق النقل – التمدن، والمسائل البيئية المرتبطة بذلك.

الكتاب الذي نسقه البروفيسور باوني، يعتبر مرجعا أكاديميًا في ملاحظاته واستنتاجاته، و  يدعو إلى فتح النقاش عبر اثارة  العديد من الأسئلة حول توازن النقل الحضري في المدن الجزائرية. يقترح الباحثون المشاركون في هذا الكتاب بعض الحلول والسبل للبحث المستقبلي في أوجه القصور التي يرونها.

وهكذا، وفقًا لمنسق الكتاب، يبدو أن «تطور النقل الحضري لم يتبع نفس وتيرة التطور في البنية التحتية الحضرية للمدن». وتجدر الإشارة أيضا إلى أن السلطات العمومية مسؤولة في المقام الأول عن استراتيجية و تخطيط النقل للمدن. ومع ذلك، فإن الآليات المؤسسية والتنظيمية هي أصل العديد من الاختلالات في النقل الحضري على أرض الواقع. بسبب وجود ما يراه مؤلفو الكتاب شكلا من أشكال القصور في التخطيط  العمراني و استخدام المساحات الحضرية.
 
من خلال أبحاثه و عبر هذا الكتاب الجديد يقترح البروفيسور باوني دمج النقل والتخطيط العمراني  الحضري «في نهج شامل للتنمية المستدامة». يتعلق الأمر أيضًا «بإعادة التفكير في اساليب النقل والتنقل الحضري في المناطق العمرانية و الآهلة بالسكان». بالنسبة للباحثين المشاركين في الكتاب، فإن «الحاجة الماسة للتنسيق بين التخطيط الحضري وسياسة النقل »  تصبح ضرورية بحكم الواقع.

تجدر الإشارة ان البروفيسور طاهر باوني  قد نشر في سنة 2020 كتابا بعنوان “التمدن و النقل الحضري بالجزائر العاصمة” و بالإضافة الى مشاركاته الواسعة في مختلف الملتقيات العلمية و إشرافه على الأطروحات البحثية تمكن   البروفيسور من نشر  أكثر من خمسين مقالا أكاديميا عبر مختلف المنصات الأكاديمية للتعليم العالي و تعتبر أبحاثه مرجعا مهما للدارسين و المهتمين بمجال الهندسة المعمارية و التخطيط العمراني.