تشكل الجزائر لاعباً رئيسياً في سوق الغاز الطبيعي المسال (LNG) وتصنف بين أكبر منتجي الغاز المسال في العالم، حيث أظهرت البلاد خلال السنوات الأخيرة قدرتها على زيادة إنتاجها وتوسيع صادراتها، مما يعزز مكانتها كأول منتج للغاز المسال في إفريقيا والسابع عالميًا.
ويُظهر نمو صادرات الغاز الطبيعي في شهر أوت 2024، وزيادة الطاقة الإنتاجية حتى فيفري 2024، أن الجزائر تسير بخطى ثابتة نحو تأمين موقعها في هذه الصناعة الحيوية.
قوة إنتاجية في سوق الغاز المسال
وتمتلك الجزائر قدرة إنتاجية هائلة في مجال الغاز الطبيعي المسال، حيث بلغ إنتاجها السنوي 25.5 مليون طن، مما يضعها في المرتبة السابعة عالميًا. هذا الترتيب يبرز أهمية الجزائر كقوة إنتاجية كبيرة على مستوى إفريقيا، متفوقة على منافسين إقليميين مثل نيجيريا ومصر.
وتعد هذه القدرة الإنتاجية مصدر قوة للجزائر، خصوصًا في ظل تنامي الطلب العالمي على الغاز الطبيعي كبديل نظيف نسبيًا للوقود الأحفوري التقليدي. مع هذه القدرة، تواصل الجزائر لعب دور استراتيجي في تغذية الأسواق الأوروبية بالغاز، بما في ذلك دول مثل تركيا وفرنسا، اللتين تشكلان أهم شركاء الجزائر التجاريين في هذا المجال.
إقرأ أيضا: الجزائر ضمن قائمة أكبر 5 صفقات غاز مسال في ماي 2024
تحديات أمام التوسع
ورغم الأداء الجيد للجزائر في مجال الغاز الطبيعي المسال وتصنيفها ضمن أكبر منتجي الغاز المسال في العالم. إلا أن البلاد تواجه تحديات عديدة في التوسع في السوق العالمي، خاصة مع تصاعد المنافسة من الولايات المتحدة وقطر وأستراليا. حيث تُظهر بيانات شهر أوت 2024 أن الولايات المتحدة حققت أكبر كمية صادرات للغاز المسال في ذلك الشهر، بأكثر من 7 ملايين طن. وهي زيادة تعكس قدرة هذه الدولة على السيطرة على السوق.
الجزائر، مقارنةً بهذه الدول الكبرى، تحتاج إلى استثمارات أكبر في التكنولوجيا والبنية التحتية لزيادة قدرتها الإنتاجية وتحقيق نمو مستدام في السوق. كما أن التغيرات المستمرة في السوق العالمية والطاقة البديلة قد تشكل تهديداً مستقبلياً على المدى الطويل.
فرص واستفادة اقتصادية
كما سجلت الجزائر في أوت 2024 زيادة بنسبة 5.1% في صادرات الغاز الطبيعي المسال مقارنة بالعام السابق. وهو أول ارتفاع لها منذ مارس 2024. يعكس هذا النمو القوي أن الجزائر تستفيد من الطلب المتزايد على الغاز في الأسواق العالمية. خاصة في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية التي تؤثر على بعض المنافسين.
مع ذلك، فإن هذه الزيادة تُعد فرصة لتحقيق مكاسب اقتصادية مباشرة من خلال زيادة الإيرادات الناتجة عن صادرات الطاقة. مما يساهم في تعزيز الميزانية العامة للبلاد وتخفيف الاعتماد على الواردات. إن تحقيق الجزائر 3% من حصة السوق العالمية يمثل فرصة لتعزيز نفوذها في السوق وزيادة علاقاتها التجارية.
إقرأ أيضا: صادرات الغاز المسال الأمريكي نحو اوروبا في خطر
دعم البنية التحتية والاستثمارات في التكنولوجيا
وللحفاظ على قدرتها التنافسية في سوق الغاز الطبيعي المسال، تحتاج الجزائر إلى استثمارات كبيرة في تحديث بنيتها التحتية وتطوير تكنولوجياتها الإنتاجية. ومع وجود المنافسة القوية من الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وقطر. لا يمكن للجزائر البقاء في القمة دون تطوير قطاعها الصناعي.
الاستثمار في محطات الغاز الطبيعي وتطوير أنظمة نقل وتخزين الغاز سيسهم في رفع الكفاءة الإنتاجية ويزيد من قدرة البلاد على تلبية الطلب المتزايد. إضافة إلى ذلك، الاعتماد على التكنولوجيا النظيفة والمستدامة سيساهم في تعزيز السمعة البيئية للجزائر في هذا القطاع.
توقعات مستقبلية
وتبدو التوقعات المستقبلية للجزائر في قطاع الغاز الطبيعي المسال إيجابية. إذ من المتوقع أن تستمر البلاد في الاستفادة من الطلب العالمي المتزايد على الغاز، خاصة في أوروبا. مع استمرار التوترات الجيوسياسية وارتفاع أسعار الطاقة، يمكن للجزائر تعزيز مكانتها كشريك موثوق لتزويد الغاز الطبيعي للدول الأوروبية.
ومع ذلك، تحتاج البلاد إلى تبني استراتيجيات مرنة تمكنها من التكيف مع التحولات المستقبلية في قطاع الطاقة. خاصة في ظل التحول العالمي نحو مصادر الطاقة المتجددة.
صحيح أن الجزائر تلعب دوراً حيوياً في سوق الغاز الطبيعي المسال العالمي. ولكنها بحاجة إلى تعزيز استثماراتها وتطوير بنيتها التحتية لمواصلة النمو في هذا القطاع. مع وجود تحديات من المنافسة العالمية والتغيرات في أسواق الطاقة. يمكن للجزائر أن تبقى لاعبًا رئيسيًا إذا ما استثمرت في تحسين إنتاجها وتعزيز شراكاتها التجارية.