اتفق قادة الاتحاد الأوروبي مؤخرا، على فصل “سبيربنك”، أكبر مصرف روسي من نظام “سويفت” للتحويلات المالية الدولية، وذلك في إطار الحزمة السادسة الجديدة من العقوبات على روسيا على خلفية شن روسيا عمليتها العسكرية في أوكرانيا.
“سبيربنك” : فصلنا عن نظام “سويفت ” العالمي لن يؤثر على عمليات المصرف داخل روسيا
وبمجرد إعلان الاتحاد الأوروبي عن القرار، سارع “سبيربنك” ليعلق على قرار فصله من نظام “سويفت” للمعاملات المالية الدولية، نافيا أن يكون له أي تأثير على الوضع الحالي للمصرف في التسويات الدولية، كذلك لن يؤثر على عمليات المصرف داخل روسيا، مشيرا إلى أن الإجراء لن يؤثر على أداء “سبيربنك”، لافتا إلى أن القرار لم يكن مفاجئا.
وأكد مصرف “سبيربنك”، على مواصلة عمله ونشاطه كالمعتاد، مذكرا بأن القيود الرئيسية التي فرضتها الدول الغربية سارية بالفعل قبل ذلك أيضا.
إن القرار الأوروبي القاضي بفصل أكبر البنوك الروسية عن نظام ” سويفت” العالمي ستكون له تأثيرات كثيرة سواء على النظام المالي في روسيا أو في العالم ، كما أنه سلاح “محفوف بالمخاطر”؛ كون تداعياته قد تطول في الوقت نفسه الدول الأوروبية التي تربطها علاقات اقتصادية واسعة مع موسكو. فما هو نظام “سويفت”؟وما هي آثاره المحتملة على روسيا ؟ وكيف تطول تلك التداعيات أوروبا، وهل ثمة بدائل مالية له؟
تطرق الخبير الاقتصادي سليمان العساف، في تصريحات خاصة لإحدى القنوات التلفزيونية، عن أهمية نظام سويفت الذي تأسس في العام 1973 وبدأ نشاطه فعلياً في العام 1977، وذلك في ضوء تطور التجارة العالمية ونموها بشكل متسارع.
ميزات هائلة يوفرها نظام ” سويفت” العالمي في التحويلات المالية
وأوضح العساف في سياق حديثه أن نظام ” سويفت” يوفر ميزات هائلة، لا سيما فيما يتعلق بحماية العمليات وسرعة التنفيذ، علاوة أنه أقل تكلفة من أساليب التحويل الأخرى. فضلاً عن كونه يشمل أكثر من 200 دولة، وآلاف المؤسسات المالية والبنوك (11507 مؤسسة حتى مارس 2020).
بدوره قدم الخبير في الدراسات الإجتماعية والإنسانية لخضر يدروج في تصريح خص به ” سهم ميديا ” شرحا حول نظام سويفت، الذي هو عبارة شبكة عالمية للتبادلات المالية بين البنوك و التي تترجم الى الجمعية العالمية بين البنوك و الاتصالات المالية العالمية Society for Worldwide Interbank Financial Telecommunications و التي تم اعتمادها عام 1973 بمساهمة 239 بنك من بلدان متعددة ليصبح عددها حاليا اكثر من 500 بنك و مؤسسة مالية و تجارية.
و من أجل إدراك أهميـة هذا النظام و المكانة المميزة التي يحوزها في النظام المالي العالمي، أكد يدروج على أن هذا النظام يمثل المرآة الفعلية للتجارة العالمية و أحد أسس النظام المالي العالمي من حيث الأداء و الخدمات العالمية التي يؤديها سواءا في التسويات أو المدفوعات أو تحويل العملات و تداول الأوراق المالية و إدارة الحسابات و متابعة الأموال المشبوهة وغيرها.
وبالنسبة إلى كيفية عمل نظام سويفت، أشار المحلل عساف إلى مطابقة أوامر العملاء بين الجهات المتداخلة بالعمليات المالية، والتصديق عليها كما في التحويلات النقدية الخاصة بالعمليات ونتائج التسويات المالية، وكذلك التصديق على تنفيذ عمليات التداول وتسويتها بين الأطراف المشترك
وبحسب العساف، فإنه “عندما يتم حجب دولة من نظام سويفت فإن حركتها المالية تصبح صعبة جداً ولا تستطيع القيام بالتحويل واستقبال الأموال، ما سيؤثر على عمليات الاستيراد والتصدير ومختلف الأنشطة الاقتصادية”.
فصل روسيا عن نظام سويفت سيؤثر حتى على صادرات الطاقة
و يتابع ذات المتحدث أن فصل روسيا عن نظام سويفت، فإن ذلك يعني “استحالة إرسال الأموال إليها، بما يضع الشركات الروسية وعملاءها -بما في ذلك الأوربيين- في أزمة واسعة تتأثر بها صادرات الطاقة أيضاً”.
ويتيح سويفت (جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك) ربط وتبادل الرسائل والمعلومات بين جميع أسواق المال من خلال البنوك المسؤولة عن تنفيذ تلك العمليات في مختلف الدول. وهو بذلك يغطي مختلف العمليات المالية والمصرفية التي تُجرى بين البنوك والمؤسسات المالية.
واعتبر الخبير الاقتصادي العساف أن مسألة حجب روسيا عن نظام سويفت -كما حدث في وقت سابق مع إيران وكبدها خسائر هائلة- يمثل آداة ضغط اقتصادي لها تداعيات شديدة الصعوبة على الوضع الاقتصادي والعملة.
انعكاسات مباشرة على النظام المالي والاقتصاد الروسي
وبخصوص انعكاسات القرار الأوروبي الأخير الذي تم بموجبه طرد البنك الروسي سبربنك من نظام السويفت، قال الخبير يدروج أنه سيكون بمثابة رصاصة أخرى في الاقتصاد الروسي و الذي تزامن مع قرار أوروبي آخر بمقاطعة أوروبية في الاشهر القادمة للغاز و البترول الروسي سينتج عنه:
– حرمان روسيا من مداخيل مالية ضخمة اضافية و يكون لذلك تأثير مباشر على المركز المالي الروسي في الأسواق العالمية، تقليص إمكانيات الدفع للبضائع و المشتريات الروسية من أوروبا و باقي البلدان الأخرى التي تتعامل بالدولار و الأورو، سيضطر أصحاب الأموال إلى عدم الاستثمار داخل روسيا و البحث عن “تهريب ” أموالهم إلى أماكن آمنة أخرى.
وأردف لخضر يدروج في سياق تصريحه أن القرار سيؤدي إلى خروج المستثمرين الأجانب من روسيا لان المال يستحسن الأمن و الاستقرار للنمو مع تسجيل تذبذب العملة الروسية بعد الحظر الأوروبي على الغاز و البترول الروسي و بالتالي ارتفاع جميع أسعار المواد في السوق الروسي الداخلي مع إمكانية حدوث شلل في بعض الصناعات التي تعتمد على الاستيراد الخارجي وعزل روسيا ماليا و تجاريا عن الأسواق العالمية خاصة البلدان المعتمدة على نظام الدفع على منصة سويفت.
إجراءات لتخفيف الضغط على روسيا
ولتخفيف الضغط على روسيا كشف ذات الخبير محاولة عدة بلدان ذات الاقتصاديات القوية خارج المعسكر الغربي أن تنشأ منصات الدفع على غرار روسيا و الصين و لكنها لا تحظى بالدعم اللازم و ليست بنفس المكانة و القوة التي يوجد عليه نظام السويفت في خطوة منها لتخفيف آثار العقوبات اذا استطاعت روسيا أن تحقق نشاطا تجاريا مع بلدان قوية اقتصاديا على غرار الصين و تركيا و بلدان أخرى لتنويع مصادر البضائع. كما قد تلجأ روسيا إلى المقايضة للبضائع اذا اندثرت امكانياتها المالية و أغلقت وسائل الدفع.
احتمال إنشاء نظام عالمي جديد
وبخصوص احتمال إنشاء نظام عالمي جديد، استبعد يدروج ذلك لأن ذلك سيجمد صلاحيات البلدان المسيطرة على مجريات الأحداث، فالغرب سيبحث عن تدعيم صلاحيات بلدانه ضد أي قوة لا تخضع لهم وإن كانت روسيا صاحبة المقعد الدائم في مجلس الأمن على حد تعبيره.
نظام روسي بديل
يُعرف هذا النظام الروسي الذي تم العمل عليه في العام 2014 باسم إس.بي.إف.إس “SPFS” وهو نظام رديف كان البنك المركزي الروسي قد اعتمده في العام 2017 بديلاً لـ “سويفت”. كما استعدت روسيا بشبكة إنترنت خاصة بها .
وكان نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف، قد علق قبل أسابيع على التهديدات الغربية بفصل موسكو عن شبكة “سويفت” قائلاً: “يقومون بترويعنا باستمرار بهذا الأمر، وهو ما دفعنا لإنشاء نظام خاص بنا لنقل المعلومات، تحسباً من الحالات الطارئة.. ويمكن أن يحدث الشيء نفسه مع الإنترنت.