تعيش فرنسا حاليا على وقع أزمة سياسية خانقة، بعد قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تمرير قانون إصلاح التقاعد عبر البرلمان من دون التصويت عليه، ما أثار حفيظة النواب البرلمانيين والسياسيين والمواطنين الفرنسيين، اللذين نزلوا إلى الشوارع للتنديد ورفض ذلك.
وعبر المتظاهرون في العديد من المدن الفرنسية عن رفضهم لقانون “إصلاح التقاعد”، بعد قرار الرئيس ماكرون استخدام المادة 49.3 لتمريره عبر البرلمان عوض التصويت عليه، حيث باتت تعيش فرنسا أزمة تاريخية لم تشهدها منذ عهد الجنرال ديغول، بسبب استعمال الرئيس ماكرون، المادة الدستورية 49.3، والذي بلغ 11 مرّة.
فبدل أن يتم التصويت البرلماني على القرار بشكل شرعي وديمقراطي يستند إليه تشريع القوانين في الديمقراطيات، سارع مانويل ماكرون لتمرير “قانون إصلاح التقاعد”، الذي يعارضه أغلب الفرنسيين، بين 80 % و91% بحسب الإستطلاعات.
ويرى خبراء ومحللون إقتصاديون فرنسيون، أن هذا القانون سيكون أحد أسوأ القوانين، التي عرفتها فرنسا منذ أكثر من 50 عاما، فأصبح يشكل أحد السجالات في المشهد السياسي في فرنسا وفي عهد ماكرون، إذ يرى غالبية الفرنسيين من مختلف الطبقات السياسية والإجتماعية في البلاد، أن لجوء ماكرون إلى استخدام المادة 49.3 لتمرير أحد أهم القوانين، التي قالوا أنها تمسّ بقوة حياة الفرنسيين، لم يكن موفقا، وليس ديمقراطيا ولا شرعيا، معبرين عن رفضهم المطلق لهذا القرار.
وكانت قد أوضحت رئيسة الوزراء إلزابيث بورن، في كلمتها أمام الجمعية الوطنية، أن فرنسا في حاجة إلى الإصلاحات، الأمر الذي يعتبره الفرنسيون إصلاحات تحمل في جعبتها الخصخصة وترشيق الدولة وتقليص النفقات وتوفير فائض “للخزينة”، عبر البذل بسخاء لكابينات الشركات الإستشارية الخاصة على حساب القطاع العام والعاملين فيه والخدمات العامة الأساسية في الصحة والتربية والزراعة والجيش وغيرها من قطاعات الدولة، وهذا ما يرفضه الفرنسيون جملة وتفصيلا.
وفي سياق متصل، كشف أحد النواب، مؤخرا أمام الجمعية الوطنية، عن أسباب امتناع النواب عن التصويت لفرض ضرائب على شركة توتال، كونهم يملكون استثمارات مالية في الشركات الكبرى هي التي تمنعهم من التصويت لفرض الضرائب على شركة توتال، وتمنع التصويت على إيقاف زيادة أسعار المحروقات، بالمقابل فيريد آخرون تمرير قانون إصلاح التقاعد بسبب امتلاكهم أسهما في شركات التأمين وفروعها التابعة للبنوك.
وتوقع خبراء أنه في حال فشل التصويت، سيُسحب القانون ليعدّل مستقبلا، يأتي هذا في الوقت الذي دعا فيه المرشّح الرئاسي السابق لحزب فرنسا غير الخاضعة، جان لوك ميلانشون، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للقيام باستفتاء شعبي على القانون، واصفا الإجراء بالديمقراطي، والذي يستعمل غالبا لتفكيك الأزمات بشكل سلمي وديمقراطي.