اتهم بعض المسؤولين ووسائل الاعلام المواطن البسيط بشكل غير مباشر في الندرة والتذبذب في توفير بعض السلع والمواد الغذائية واسعة الاستهلاك في الأسواق بسبب شراءه لكميات كبيرة وتخزينها في البيوت.
قبل الحديث عمن هو المسؤول في ندرة بعض السلع في الأسواق، يجب أن نعلم أن الندرة قد تصيب جميع المجتمعات بما فيها المجتمعات المتقدمة خاصة في فترة الأزمات كما يحدث حاليا في البلدان المتحاربة أو كما حدث أثناء الأزمة الصحية العالمية بسبب الكوفيد حيث انقطعت السبل وغابت المواد الأساسية من العرض.
المستهلك البسيط لا يمكن أن يكون لوحده سببا في ندرة المواد الاستهلاكية لأنه ببساطة لا يملك الامكانيات المالية لخلقها، فالمواطن صاحب الراتب البسيط لا يمكنه أن يؤثر في السوق ولو استخدم نصف راتبه لتخزين المواد الأساسية.
العوامل العامة التي تؤدي الى ندرة السلع والمواد الغذائية في الأسواق بشدة معروفة أبرزها أن تكون الدولة غير منتجة ولا تملك قاعدة صناعية تحويلية للمواد الاستهلاكية ولا تملك ملاءة مالية قوية في الأسواق العالمية ويكون مركزها المالي ضعيف أو ذا سمعة سيئة وبالتالي يمتنع الموردون التعامل معها، أو تتخلف عن دفع المستحقات وبالتالي تدخل في مفاوضات يكون ذلك الوقت عنصر ضغط على السوق.
من بين العوامل الداخلية التي تؤدى الى ندرة السلع في الأسواق هي أن يفقد المستهلك الثقة في مؤسسات الدولة فيلجأ الى تكديس البضاعة وقد يلجأ الى الاستدانة من أجل ذلك، فالجزائري كمواطن قد يخزن المادة التي يحتاجها ويرى أن الدولة لا تفي بوعدها لتوفيرها بشكل دوري ويومي، وإلا لماذا لا يخزن اللحم وهو يعرف أن ثمنه في ارتفاع متزايد؟ لأنه بالنسبة له بات يصنفه ضمن المواد التي يراها غير الضرورية (وهي أساسية في الهرم الغذائي).
كلام الاعلام باتهام المواطن كلام وهمي لتبرئة مؤسسات الدولة العاملة في السوق وتلك التي من المفروض أن تتابع الأسعار والرفف بشكل يومي لأن الندرة ميزة غير حميدة في الاقتصاد يسببها المواطن المتأثر بإشباع حاجاته خوفا من الجوع، والندرة سبب أساسي لثورة البطون الجائعة.
إن السبب الأساسي لندرة بعض السلع يعود الى عدم توازن تموين السوق بالمواد بالشكل الذي يؤدي الى وفرتها في كل الأوقات، فنحن نعلم يقينا أن أزمة الحليب التي ازدادت حدتها بسبب تصاريح الاستيراد التي وقفتها وزارة التجارة حينا من الزمن، أزمة لا ناقة للمستهلك البسيط فيها، بل سببها الرئيسي ندرة البودرة وعدم متابعة أصحاب الملبنات ومشكل التوزيع.
المستهلك بريء من أزمة ندرة المواد الاستهلاكية ولا علاقة له بها، وبدل اتهامه علينا أن نبحث في مسؤولية الدولة ومؤسساتها وتجار الجملة والسماسرة والانتهازيون والمضاربون.