تحدث هشام هواجي، المؤسس والمدير التقني لمؤسسة “مستشير”، في حوار مع “سهم ميديا” عن الرحلة المميزة للشركة منذ انطلاقتها، وأبرز الابتكارات التي قدمتها في مجال رقمنة الاستشارات في الجزائر.
كما استعرض هواجي تفاصيل إدراج “مستشير” في بورصة الجزائر، باعتبارها أول شركة ناشئة تخطو هذه الخطوة التاريخية، وشرح كيف يمكن للمواطنين والمؤسسات الاستثمار في أسهم الشركة بسهولة عبر منصتها الرقمية أو البنوك المتعاقدة معها. وتطرق الحوار إلى طموحات “مستشير” المستقبلية، سواء في تعزيز مكانتها محليًا أو التوسع نحو الأسواق العربية، مع التأكيد على رؤية الشركة لدعم الاقتصاد الوطني وتنشيط بيئة الاستثمار.
بدايةً، ما هي شركة “مستشير”؟ وكيف يمكن تعريفها للقارئ غير المتخصص؟ وما هي أهم الخدمات التي تقدمها؟
مستشير هي منصة استشارات إلكترونية تهدف إلى تسهيل الوصول إلى أفضل الخبرات الجزائرية والعالمية في مختلف المجالات. انطلقت المنصة من الحاجة الملحة للأشخاص الذين يخططون لإطلاق مؤسساتهم، دخول مشاريع جديدة، أو خوض مجالات غير مألوفة، حيث يصعب عليهم إيجاد من يرشدهم أو يقدم لهم نصائح متخصصة.
من خلال منصة “مستشير”، أصبح بالإمكان الحصول على استشارات من أكثر من 134 مستشارًا يقدمون خدماتهم في 36 مجالًا مختلفًا. بغض النظر عن موقع المستخدم في الجزائر، سواء كان في الشرق، الغرب، الجنوب، أو الشمال، يمكنه بسهولة حجز استشارة إلكترونية في أي وقت يناسبه، دون الحاجة للتنقل أو الحجز المسبق.
بالإضافة إلى خدمات الاستشارات، تقدم منصة “مستشير” مجموعة شاملة من الخدمات الأخرى التي تميزها بفضل شبكة علاقاتها الواسعة مع مستشاريها المحترفين. تشمل هذه الخدمات توفير حلول رقمية متكاملة للأفراد والشركات، مثل تطوير التطبيقات، إنشاء المواقع الإلكترونية، وإدارة حسابات التواصل الاجتماعي، وذلك لتلبية احتياجات العملاء الذين يرغبون في تحويل أفكارهم إلى مشاريع رقمية. كما تقدم المنصة خدمات الإدارة والتوكيل، حيث تتكفل بكامل الإجراءات الإدارية المرتبطة بإنشاء المؤسسات، بالإضافة إلى خدمات محاسبية شاملة لدعم المؤسسات الناشئة وضمان تسيير مالي فعّال. علاوة على ذلك، توفر “مستشير” عبر خدمة “مستشير أكاديمي” دورات تدريبية متخصصة في مجالات مثل البرمجة وغيرها، مما يتيح للعملاء اكتساب المهارات اللازمة للنجاح في مشاريعهم.
شركة “مستشير” حصلت على وسم “شركة ناشئة” في 2022. ما الذي يميز هذا الوسم؟ وكيف ساهم في تعزيز مكانة الشركة في السوق؟
شركة “مستشير” حصلت على وسم “شركة ناشئة” في عام 2022، وذلك بعد شهرين فقط من تأسيسها، من قبل وزارة الصناعة. هذا الوسم يتميز بكونه شهادة رسمية تُمنح للمشاريع المبتكرة التي تقدم حلولًا جديدة في السوق، مما يساهم في تعزيز مكانة الشركة وتسهيل تطورها. “مستشير” تميزت برقمنة خدمات الاستشارات، حيث أصبحت تتيح لأي شخص الحصول على استشارة من مكانه وفي الوقت الذي يريده، دون الحاجة للتنقل. هذا الابتكار في تقديم الخدمة كان أحد الأسباب الرئيسية لمنح الوسم. علاوة على ذلك، ساهم الوسم في تقديم مزايا هامة للشركة، مثل بعض الإعفاءات الضريبية التي تساعد الشركات الناشئة في التغلب على صعوبات المرحلة الأولى من تأسيسها، مما عزز قدرتها على الاستمرار والنمو في السوق.
إدراج “مستشير” في بورصة الجزائر يُعد سابقة للشركات الناشئة. كيف جاءت فكرة طرح الأسهم في البورصة؟ وما هي الاستعدادات التي قمتم بها للوصول إلى هذه المرحلة؟
إدراج شركة “مستشير” في بورصة الجزائر يُعد خطوة تاريخية ليس فقط للشركة، بل لكل المؤسسات الناشئة في الجزائر. هذه الخطوة تعكس نجاحًا جماعيًا وتشكل بداية مشجعة للشركات الناشئة لدخول عالم البورصة. البداية كانت بتمويل داخلي من المؤسسين، ثم حصلنا على دعم إضافي من مستثمر خارجي بعد أشهر قليلة.
مع مرور ثمانية أشهر فقط على التأسيس، نجحت الشركة في رفع رأس مالها من 100,000 دينار جزائري إلى 20 مليون دينار جزائري، وهو ما أظهر إمكانياتها الكبيرة وفتح الباب للتفكير بشكل أوسع. بدلًا من الاكتفاء بفرص استثمارية محدودة، قررت “مستشير” اتخاذ خطوة جريئة نحو إدراجها في البورصة، بهدف ليس فقط تعزيز مكانتها، ولكن أيضًا لإحياء بورصة الجزائر ودفع المزيد من الشركات الناشئة لاتباع نفس المسار.
بالنسبة للاستعدادات لدخول البورصة، كانت شركة “مستشير” وفريقها على أتم الجاهزية من جميع النواحي، سواء من حيث الخدمات المقدمة أو الاستراتيجية العامة للشركة. تم العمل على تجهيز كل التفاصيل لضمان نجاح هذه الخطوة التاريخية. ومع ذلك، دخول البورصة يتطلب وجود وسيط متخصص يقوم بعملية الربط بين الشركة وبورصة الجزائر، وهو ما تم تأمينه بفضل تعاون الشركة مع وسيط معتمد.
بعد عمل وجهود مكثفة، وبفضل التخطيط المحكم، نجحت “مستشير” في الحصول على تأشيرة قبول لدخول بورصة الجزائر، مما يمثل إنجازًا كبيرًا وخطوة رائدة في مسيرة الشركة، ويفتح آفاقًا جديدة أمام الشركات الناشئة الجزائرية للاستفادة من هذا المسار لتعزيز نموها وتوسيع أنشطتها.
عملية الاكتتاب التي بدأت في الفاتح من ديسمبر، كيف تم تنظيمها؟ وما هي الخطوات التي يجب أن يتبعها المواطن أو المستثمر للمشاركة في شراء الأسهم؟
عملية الاكتتاب التي انطلقت في الأول من ديسمبر 2024 تم تنظيمها بالتعاون بين شركة “مستشير” وبورصة الجزائر، بعد حصول الشركة على تأشيرة رسمية للدخول إلى البورصة وطرح أسهمها للاكتتاب العام. تمثل هذه الخطوة محطة مهمة في مسيرة “مستشير” وتاريخ الشركات الناشئة في الجزائر، حيث تم التحضير لها بدقة لضمان سير العملية بسلاسة.
بالنسبة لطريقة شراء الأسهم، تم تبسيط العملية بشكل كبير لتكون متاحة للجميع. لأول مرة في الجزائر، أطلقت “مستشير” منصة إلكترونية مخصصة لشراء الأسهم، حيث يمكن لأي شخص الدخول إلى المنصة، تعبئة بياناته، وإتمام عملية الشراء بسهولة باستخدام بطاقة “الذهبية” أو البطاقات البنكية الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمستثمرين اختيار الطريقة التقليدية من خلال التوجه إلى البنوك المتعاقدة مع “مستشير”، مثل بنك الفلاحة والتنمية الريفية (بدر)، حيث يمكنهم فتح حساب للأوراق المالية ومتابعة أسهمهم بعد الشراء. الجدير بالذكر أن الحد الأدنى لشراء الأسهم هو 10 أسهم، مما يجعل العملية متاحة لشريحة واسعة من المواطنين.
سعر السهم حُدد بـ760 دج، ما هو الأساس الذي استندتم إليه في تحديد هذا السعر؟ وكيف سيستفيد المساهمون الأفراد من الاستثمار في أسهم شركتكم؟
بالنسبة لسعر السهم الذي حُدد بـ760 دينار جزائري، فقد تم تحديده من قِبل جهة مستقلة مختصة وليس من قبل “مستشير”. هذه الجهة قامت بتقييم شامل للقيمة السوقية للشركة، والتي بلغت حوالي 47.25 مليار سنتيم. بناءً على هذا التقييم، تم تقسيم القيمة الإجمالية على عدد الأسهم المتاحة في الشركة، ما أسفر عن تحديد سعر السهم الواحد بـ760 دينار جزائري.
بالنسبة للمساهمين أو أي شخص يقرر الاستثمار في “مستشير”، فإنهم سيحققون الربح بطريقتين. الطريقة الأولى تكمن في الأرباح السنوية التي سيتم توزيعها على الأسهم التي يمتلكها المساهم، بناءً على نسبة الأرباح التي تحققها الشركة.
أما الطريقة الثانية، فهي مرتبطة بارتفاع قيمة السهم في السوق. مع نمو الشركة وزيادة قيمتها السوقية، من المتوقع أن يرتفع سعر السهم الواحد، مما يمنح المساهمين فرصة لبيع أسهمهم مستقبلاً بسعر أعلى من سعر الشراء، وبالتالي تحقيق ربح إضافي. بهذه الآلية، تقدم “مستشير” للمستثمرين فرصة استثمارية مزدوجة تجمع بين العوائد السنوية والنمو طويل الأمد.
عملية الاكتتاب مفتوحة للأشخاص الطبيعيين والمؤسسات الجزائرية. هل لديكم خطة مستقبلية لتوسيع دائرة الاكتتاب لتشمل مستثمرين أجانب أو قطاعات أوسع؟
بالنسبة للتوسع، فإن تركيزنا الحالي ينصب على السوق الجزائري، حيث نسعى لأن نصبح الشركة الرائدة في مجال الاستشارات داخل الجزائر. ومع ذلك، لدينا رؤية مستقبلية طموحة تتجاوز الحدود الوطنية، ونسعى لتوسيع نطاق خدماتنا لتشمل الدول العربية. بالفعل، قمنا باتخاذ خطوات عملية من خلال التعاون مع ممثلين لنا في بعض البلدان العربية، بهدف تصدير خدماتنا الاستشارية إلى تلك الأسواق.
هدفنا على المدى البعيد هو أن نصبح من أبرز مقدمي خدمات الاستشارات في العالم العربي، مما يعزز مكانة “مستشير” كشركة جزائرية ذات طابع إقليمي ودولي. نطمح أيضًا لاستكشاف فرص للتعاون مع مستثمرين من الخارج وتوسيع دائرة الاكتتاب مستقبلاً، بما يتيح لنا دعم نمو الشركة وتحقيق رؤيتنا.
ما هي توقعاتكم لمساهمة المواطنين في عملية الاكتتاب؟ وكيف تعتقدون أن إدراج “مستشير” في البورصة سيُحدث فرقًا في سوق الشركات الناشئة بالجزائر؟
توقعاتنا بشأن مساهمة المواطنين في عملية الاكتتاب جد إيجابية، وذلك بفضل السمعة الطيبة والمصداقية التي اكتسبتها “مستشير” خلال فترة قصيرة. اليوم، هناك العديد من الأفراد والشركات الذين يؤمنون بفكرة المشروع وإمكانياته، ويثقون بأنه قادر على تحقيق نجاح كبير والوصول إلى آفاق جديدة في المستقبل. نتوقع أن تكون عملية الاكتتاب ناجحة للغاية، وتعكس هذا الدعم والثقة.
أما بالنسبة لإدراج “مستشير” في البورصة، فنحن نعتقد أنه سيشكل خطوة فارقة في سوق الشركات الناشئة بالجزائر. هذه الخطوة ستعطي دفعة قوية لبورصة الجزائر، وستلهم المؤسسات الأخرى، سواء الصغيرة أو الكبيرة، لتكون أكثر جرأة في السعي نحو إدراج نفسها في البورصة. نأمل أن تكون “مستشير” سببًا في تحفيز نشاط السوق وجعله أقرب إلى مستوى البورصات العالمية، مما يساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وتنشيط بيئة الاستثمار في الجزائر.
أخيرًا، كيف تخططون لاستثمار الأموال التي سيتم جمعها من الاكتتاب؟ وما هي المشاريع أو الخطط التي تتطلعون لتنفيذها لدعم النمو الاقتصادي في الجزائر وتعزيز مكانة الشركة؟
الأموال التي سيتم جمعها من عملية الاكتتاب ستُخصص بشكل رئيسي لدعم التوسع وتعزيز قدرات “مستشير”. الهدف الأول هو توسيع نطاق خدماتنا في الجزائر، من خلال إضافة خدمات جديدة وتعزيز فريق العمل ليصبح أكبر وأكثر تنوعًا، مما يمكننا من تلبية احتياجات العملاء بشكل أفضل وتقديم حلول مبتكرة.
على المستوى الإقليمي، تخطط الشركة لاستثمار جزء من هذه الأموال في التوسع نحو السوق العربي. من خلال تعزيز شبكة ممثلينا في البلدان العربية، نسعى إلى تصدير خدماتنا الاستشارية ودخول أسواق جديدة، بما يعزز من مكانة “مستشير” كعلامة تجارية جزائرية رائدة.
علاوة على ذلك، نطمح لأن تساهم هذه الخطوة في تنشيط بورصة الجزائر، وتشجيع المزيد من الشركات الناشئة على السعي نحو إدراج نفسها في البورصة، مما يساهم في دفع عجلة الاقتصاد الوطني. نحن ملتزمون بأن تكون هذه الاستثمارات ذات أثر إيجابي على الاقتصاد الجزائري، مع دعم الابتكار وتعزيز مكانة الجزائر في الأسواق الإقليمية والعالمية.