افتتاحية سهم الشعب يختار الاستمرارية ومواصلة البناء

نحو النهوض بقطاع المناولة الصناعية لتقليص الواردات وتشجيع الإنتاج المحلي

Carrousel

تشكل المناولة أبرز الإستراتيجيات الحديثة التي تعول عليها الجزائر حاليا لتحقيق التنمية الصناعية. بالمقابل عانى قطاع المناولة  من المشاكل التي عرقلت عمل المؤسسات المناولة في عدة قطاعات السنوات الماضية، ما استدعى تدخل الدولة الجزائرية لإعادة بعث هذا القطاع من جديد حتى يسهم في الدفع بعجلة التنمية الصناعية في البلاد.

وتعمل الحكومة الجزائرية جاهدة لتحسين مناخ قطاع المناولة في الجزائر،حيث صرح وزير الصناعة أحمد زغدار في وقت سابق على ضرورة مرافقة المؤسسات المناولة، كونها تمثل أحد الخطوط العريضة لاستراتيجية القطاع. مؤكدا أن العديد من المناولين أثبتوا قدرتهم على إعطاء القيمة المضافة للإقتصاد الوطني لاسيما في الصناعات الميكانيكية ومجال قطع الغيار.

هكذا تتم المناولة قانونيا

وبحسب المادة 143 من قانون الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام الصادرة بالجريدة الرسمية : ” يمكن اللجوء إلى المناولة ضمن الشروط الآتية،يجب أن يحدد صراحة المجال الرئيسي لتدخل المناولة بالرجوع إلى بعض المهام الأساسية التي يجب أن تنفذ من طرف المتعامل المتعاقد في دفتر الشروط إذا أمكن ذلك وفي الصفقة.ويمكن التصريح بالمناول في العرض أو أثناء تنفيذ الصفقة.ويتم التصريح بالمناول أثناء تنفيذ الصفقة وقبول شروطه المتعلقة بالدفع طبقا للنموذج الذي يحدد بموجب قرار من الوزير المكلف بالمالية. وينبغي أن يحظى اختيار المناول وشروطه المتعلقة بالدفع من طرف المتعامل المتعاقد وجوبا بموافقة المصلحة المتعاقدة مقدما وكتابيا مع مراعاة أحكام المادة 75 من هذا المرسوم وذلك بعد التأكد من قدراته المهنية والتقنية والمالية”.

ويقبض المناول المعتمد وفق الشروط المذكورة سابقا مستحقاته مباشرة من المصلحة المتعاقدة بعنوان الخدمات المنصوص عليها في الصفقة التي تكفل بتنفيذها حسب كيفيات تحدد بموجب قرار من الوزير المكلف بالمالية تسلم وجوبا نسخة من عقد المناولة للمصلحة المتعاقدة من طرف المتعامل المتعاقد. يجب أن يحدد في عرض المتعهد المعني مبلغ الحصة القابلة للتحويل الموافق للخدمات التي تقدمها المؤسسات الخاضعة للقانون الجزائري في إطار المناولة.

مختصون: لجوء المؤسسات إلى المناولة لزيادة إنتاجها

أثبت العديد من الخبراء في الإقتصاد مدى أهمية استراتيجية المناولة وانتشارها بشكل سريع، سواء تعلق الأمر بقطاع الإنتاج أو الخدمات وقطاعات أخرى. فالمؤسسة التي تتبنى هذا النظام لها دوافع كثيرة أبرزها الدافع الإقتصادي، فلجوءها إلى المناولة يعود إلى عدم امتلاكها لموارد مالية لتحقيق الإستثمارات. فحسب الخبراء فإن المؤسسة تنتهج هذا النظام لتزيد من إنتاجها دون زيادة تكاليفها من المنشآت الصغيرة  والمتوسطة المغذية والمكملة للدور الهام الذي تلعبه في دفع عجلة التنمية الصناعية  من خلال تعزيز الترابط بين الصناعات الصغيرة والصناعات الأساسية الكبيرة . وفي هذا الشأن، أكد وزير الصناعة أحمد زغدار على دعم قطاعه لشركات المناولة وتحقيق الشراكة بين المجمعات الصناعية الكبرى والمناولين والتي قال أنها ستعطي منتوجات محلية أكثر تنافسية واندماجا، حسب ماذكرته وكالة الأنباء الجزائرية.

مؤهلات الجزائر ستحقق الإدماج وتطور قطاع المناولة

وفي سياق ذي صلة، كشف خبراء للإذاعة الوطنية أن الجزائر تمتلك كفاءات ومؤهلات لتحقيق أهداف الإدماج وتطوير قطاع المناولة، خاصة في الوقت الحالي باعتمادها على سياسة وطنية لبعث روح المناولة.ونظرا لما تحتاجه الجزائر لتصنيع منتجات عالية الجودة ، سارعت لتبني رؤية جديدة لإعادة هيكلة النسيج الصناعي الوطني. وفي هذا الصدد،دعا الخبراء إلى  ضرورة إعادة تجميع المؤسسات العمومية لإنشاء صناعة ميكانيكية وطنية وذلك لاستبدال المستوردة بأخرى منتجة محليا.

وبالنسبة للقطاعات التي تنشط فيها المؤسسات المناولة في الجزائر، كشف رئيس البورصة الجزائرية للمناولة والشراكة كمال أقسوس، عن مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة فقط ب 10 بالمائة من احتياجات المؤسسات المحلية الكبرى في الجزائر، آملا إلى تطوير نشاط المناولة وتحسين نسبة الإدماج.

وأضاف أقسوس في سياق حديثه أن قطاع الصناعة يمثل 5 بالمائة من الناتج المحلي الخام مبرزا أهمية القطاع الصناعي الذي يعتبر المفتاح للتنافسية الصناعية. ودعا ذات المتحدث إلى وجوب تجسيد فعلي للتعليمات والقوانين التي لم تطبق مؤكدا على العمل لتطوير هذا القطاع انطلاقا من بعث ديناميكية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ولما لا التوجه نحو التصدير.

محلل إقتصادي ل “سهم ميديا”: الجزائر تسعى لبلوغ قفزة نوعية في قطاع المناولة صناعيا

وتسعى الجزائر لبلوغ قفزة نوعية في قطاع المناولة صناعيا، وفي ذات الشأن، دعا المحلل الإقتصادي بلال عوالي في تصريح خص به موقع “سهم ميديا” إلى تشجيع وترقية المنتوج المحلي عن طريق المؤسسات المناولة في إنتاج قطع الغيار وليس باستيرادها، مطالبا بإدماج 30 بالمائة على الأقل منها كخطوة أولى .

وبخصوص المناولة في القطاع الصناعي، قال عصام طيار عضو المكتب الوطني للمنتدى الوطني لترقية الإقتصاد ورئيس مكتب بسكرة ل”سهم ميديا”، أنها من أهم أشكال التعاون وأحسن خيار لتكثيف نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للنهوض بالتنمية الإقتصادية للبلاد. مضيفا في سياق تصريحه أن بورصات المناولة والشراكة تمثل أهم الآليات التي تنفذ من خلالها السلطات العمومية برامج الحكومة في مجال تطوير وترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ولا سيما في مجال المناولة الصناعية.

لكن المؤسسات الجزائرية المناولة لا تزال تشتكي من بعض العراقيل التي تصادفها في عالم المقاولاتية، وفي هذا الصدد، أشار طيار إلى النقص المسجل في التشريعات والقوانين التي تضمن حقوق المناول إلى جانب الأسعار التي لطالما تكون منخفضة مقارنة بأسعار صاحب المشروع ضف إلى العراقيل البيروقراطية.

طيار ل”سهم ميديا”: لابد من قوانين صريحة تضمن حقوق المناول

ومن هذا المنطلق، قال طيار أن المناولة في الجزائر تحتاج إلى قوانين ومراسيم صريحة تضمن حقوق المناول وقوانين تلزم المؤسسات الخاصة في تقديم عقود المناولة للمؤسسات المصغرة و تحفيز المناولة الجزائرية مع الشركات الأجنبية والمستثمرين الأجانب لنقل الخبرات. وفي سياق متقارب، أكد المحلل الإقتصادي بلال عوالي على ضرورة أن تجبر الدولة المتعامل بنسبة إدماج 30 بالمائة في الصناعات كأول خطوة، مشيرا أن الدولة حاليا بصدد مراجعة قانون الإستثمار والقضاء على البيروقراطية وتشجيع الشباك الموحد إلى جانب إعادة النظر في النظام الضريبي.

عوالي ل”سهم ميديا”: الصناعة العسكرية صارت رائدة ضمن النسيج الصناعي في البلاد

كما اقترح المحلل الإقتصادي أهمية دراسة المشروع أولا ومدى مردوديته ليحال على المناولة، معتبرا أن تعديل قانون الصفقات بما يخدم المناولة بات أمرا ضروريا ومهما جدا . داعيا إلى اعتبار نموذج الصناعة العسكرية كآلية لتشجيع المناولة في الصناعة الجزائرية خاصة الصناعة العسكرية التي صارت رائدة ضمن النسيج الصناعي في البلاد.

من جهة أخرى، قدمت نبيلة سحنون مسؤولة بقطاع الصناعة، جملة من الإجراءات التي اتخذتها الدولة الجزائرية للنهوض بقطاع المناولة،والمتمثلة في ضرورة هيكلة وتأطير سياسة ترقية المناولة بأحكام تنظيمية مدعومة بتدابير تقينية ومرافقة .وقالت سحنون أنه حان الوقت لأن تكون للجزائر قاعدة صناعية مزودة بنسيج مؤسسات مناولة  على أوسع نطاق  ممكن، لها قدرة تنافسية لمضاعفة المشاريع وجعل الجزائر أكثر جاذبية للإستثمار الأجنبي. وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الجزائرية.

إجراءات تحفيزية للنهوض بقطاع المناولة

هذا وأطلقت الدولة الجزائرية عدد من التحفيزات الضريبية والجمركية في مجال المناولة كإعفاء المدخلات الصناعية من الرسوم الجمركية من شأنها إتاحة الفرصة للإنتاج الوطني من منافسة الواردات والتصدير. بدورها قالت ممثلة وزارة المالية نوارة نواسة أن الدولة وضعت آليات دعم وترقية المناولة والإدماج الوطني بسن قانون توجيهي لتطوير المؤسسة الصغيرة والمتوسطة  2001 و 2017 واستحداث مجلس وطني للمناولة في 2002 ووكالة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الإبتكار في 2018. حسب ما ذكرته وكالة الأنباء الجزائريةفي وقت سابق.

وتمتلك الجزائر طاقات وقدرات صناعية يمكن استغلالها من أجل تعزيز نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وإشراكها في المناولة لتقليص الواردات وتحقيق توازن في الميزان التجاري للبلاد.