تعول المؤسسة العسكرية على الصناعة العسكرية في الجزائر للنهوض بالاقتصاد الوطني وترقيته.
ويعكف الجيش الوطني الشعبي عبر مديرياته بتنمية الإقتصاد الوطني في القطاعات المختلفة وخاصة في امتصاص اليد العاملة، التعليم، الصحة والإسهام في تطوير الصناعة وغيره، كونه يمتلك إمكانات كبيرة تعتمد على مقومات العلوم والتكنولوجيا في أداء
دوره نتيجة التحديث المستمر في بنيته.
وتتوفر ذات المؤسسة على قوى بشرية مؤهلة في مجال الكفاءات العلمية والإمكانات الكبيرة في التصنيع، الصيانة، التدريب، الخدمات الصحية والاتصالات، كما تمتلك المؤسسة العسكرية خبرة جيدة في مجال التحديث والتطوير والإدارة.
وكان رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني، عبد المجيد تبون قد نوه بالدور الفعال الذي تقوم به المؤسسة العسكرية في التنمية الإقتصادية للبلاد، كاشفا عن تطوير أكثر في الصناعات العسكرية خلال المرحلة المقبلة.
صناعة عسكرية تدعم الاقتصاد الوطني
وبخصوص الصناعة العسكرية في الجزائر، ثمن الخبير الإقتصادي الهواري تيغرسي في تصريح خص به موقع ” سهم ميديا” الدور الهام للجيش الوطني الشعبي والريادي الذي يقدمه للدفع بالصناعة الوطنية ودعم الإقتصاد الوطني من ناحية الإنتاج المحلي للحد من الإستيراد فيما يخص الصناعات القاعدية والهيكلية العسكرية أولها الصناعات النسيجية التي باتت تغطي الطلب الوطني.
وباتت الجزائر اليوم تصنع محليًّا كل ما تحتاجه من أسلحة خفيفة وذخائر ومركبات وعربات نقل عسكرية، كما طوَّرت قطاع صيانة بعض الأسلحة المتقدمة، وتسعى إلى تطوير قاعدة تكنولوجية وصناعية من خلال التحالفات الاستراتيجية في مجال الأسلحة الصغيرة والخفيفة والصناعات الأخرى لاسيما الميكانيكية. وتعد مديرية الصناعات العسكرية، التابعة لوزارة الدفاع الوطني، الفاعل الأساسي في هذا القطاع.
وتتمحور النشاطات الصناعية الحالية، التي تتكلف بها مديرية الصناعة العسكرية، حول تجميع وتركيب مختلف أنواع العربات العسكرية، بالاعتماد على شراكات أجنبية، كما هي حال العربات من علامة مرسيدس-بنز، حيث حققت صناعة عربات النقل العسكرية والمدرعات والمركبات مزدوجة الاستعمال (العسكري والمدني)، تقدمًا مع نشاط شركة مرسيدس-بنز المحلية لصناعة السيارات، والتي أنتجت بين 2014 (عام تدشينها) و2018، ما يفوق 146000 مركبة من مختلف الأصناف. كما تتمحور نشاطات الجيش أيضًا حول صناعة الزوارق. وفق دراسة قام بها مركز الجزيرة للدراسات.
كما عملت ذات المديرية على صناعة مختلف السفن الصغيرة، منها سفن الإنزال، وصناعة الطائرات الخفيفة (للتدريب العسكري، وللمراقبة والحماية المدنية وللاستخدام الفلاحي)، وكذلك إنتاج مروحيات عسكرية للنقل والمراقبة إضافة إلى أنظمة المراقبة بالفيديو.
وتقترح المؤسسات التابعة لمديرية الصناعة العسكرية منتوجات ومعدات وخدمات بنسبة اندماج معتبرة تختلف حسب النشاط وتبلغ 100 بالمئة في بعض القطاعات. ومن بين هذه المؤسسات, القاعدة المركزية للإمداد ببني مراد بالبليدة وهي مؤسسة عمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري تخصصت في تصليح وصيانة العتاد الميكانيكي والالكتروني ولكن أيضا في صناعة قطع الغيار للجيش الوطني الشعبي، حسب ما صرح به لوكالة الأنباء الجزائرية في وقت سابق مدير الإنتاج بالمؤسسة ذاتها العقيد محمد فوزي غربي. مؤكدا أن هذه المؤسسة تساهم في اندماج الإنتاج الوطني من خلال تصنيع قطع الغيار “بنسبة تكامل 100 بالمئة” بفضل سلسلة إنتاج “كاملة” تسمح لها بالمشاركة في تخفيض فاتورة الاستيراد.
وبخصوص تطوير صناعة السيارات،كشف ممثل مؤسسة تطوير صناعة السيارات الملازم الأول مصطفى تلمساني في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، ان فرعها الشركة الجزائرية لتصنيع السيارات من علامة مرسيدس بنز لعين بوشقيف (تيارت) التي تصنع سيارات نقل ب”نسبة تكامل تبلغ 30 بالمائة”، حيث تم وضع هذه السيارات، تحت تصرف المؤسسات العمومية والخاصة وعامة الناس، لا سيما الخواص، مع “ما لا يقل عن 3500 مركبة تم بيعها من طرف الشركة الجزائرية لتصنيع السيارات منذ 1 جانفي 2022″، مذكرا أنه في سنة 2018 تم تسويق أكثر من 5000 سيارة من قبل هذه الشركة.
تطوير الصناعات العسكرية في الجزائر
وحسب دراسة قام بها مركز الجزيرة للدراسات ،توجد ثلاثة عوامل أساسية متداخلة وراء تطوير الصناعات العسكرية في الجزائر، أولها: الحد من التبعية الاستراتيجية في مجال التسلح بتطوير صناعات محلية. ثانيها: التخفيف من العبء المالي للواردات العسكرية ثالثها: تخصيص جزء من الاستثمارات العسكرية للسوق الوطنية عمومًا وخلق فرص عمل في البلاد. من جهة أخرى، أشار تيغرسي أن نسبة الإندماج في الصناعات العسكرية وصل إلى 40 بالمائة بفضل الشراكات الناجحة والتنظيم المحكم والمستوى العالي في التقنيات والخبرات والعنصر البشري، ما جعلها في الريادة وطنيا، مضيفا في سياق تصريحه ل” سهم ميديا”، أن الصناعات العسكرية ستسهم في خلق الثروة خاصة من خلال تعاقدها مع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عبر شراكات المناولة للإسهام في الرفع من نسبة الادماج وفتح مناصب الشغل.
هذا وأكد العميد عبد الغاني بدوي، المدير العام لمجمع ترقية الصناعة الميكانيكية، أن مديرية الصناعات العسكرية بوزارة الدفاع الوطني، التي تعد 11 مؤسسة و 28 فرعا في مختلف مجالات الصناعية تشغل أكثر من 25000 (موظفين مدنيين اقتصاديين)، مشيرا إلى دور قطاع الصناعة العسكرية في التنمية الاقتصادية الوطنية سيما عبر مشاركتها في توفير مناصب الشغل، و تحسين بعض النسب الضريبية و شبه الضريبية وترقية نوعية الإنتاج المحلي وكذا تطوير نسبة الادماج عبر المناولة.
كما أشار ذات العميد إلى أن هذه المؤسسات قد انضوت ضمن مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي و تجاري تابعة لوزارة الدفاع الوطني، مرفوقة ببرنامج تأهيلي يسمح لها بان تنتظم في فروع مع شركاء أجانب أنها تعمل على تنويع الإنتاج الوطني والدور الكبير الذي يقوم به الجيش الوطني الشعبي في إقامة شراكة “رابح-رابح” من أجل “تطوير القاعدة الصناعية للبلاد”.
الاكتفاء الذاتي الهدف الأسمى
وتهدف الصناعة العسكرية، إلى تلبية حاجات الجيش سعيًا للاكتفاء الذاتي و تلبية حاجات مختلف الأجهزة الأمنية والمؤسسات العمومية والاستجابة لحاجات السوق الوطنية عمومًا للمساهمة في تطوير القاعدة الصناعية في الجزائر، حيث تعد مسألة الاكتفاء الذاتي رهانًا أساسيًّا لأنها ستحدُّ من التبعية الاستراتيجية و ستوفر أموالًا ضخمة للدولة لضخها في التنمية الاقتصادية.
هذا وكان قد شدد الفريق أول رئيس أركان الجيش الجزائري، سعيد شنقريحة، خلال ترأسه، منتصف نوفمبر 2020، اجتماعًا لمديري المؤسسات التابعة لمديرية الصناعات العسكرية لوزارة الدفاع، على ضرورة التصدير والتصنيع وعدم الاكتفاء بالتركيب، قائلًا: إنه يتعين على الجيش “توسيع دائرة اهتمامات الصناعات العسكرية، لتشمل ليس فقط تلبية احتياجات الجيش وأسلاكه المشتركة والسوق المحلية، بل تتعداه إلى الولوج إلى الأسواق الإقليمية، بل وحتى الدولية، والتفكير جديًّا في تصدير منتوجاتنا، شريطة الحرص على جودتها ومطابقتها للمعايير الدولية فضلًا عن اعتماد الشفافية وأحدث طرق التسيير العصرية، والرفع من الإدماج.