تحدث الخبير في الاقتصاد، ورئيس المجموعة البرلمانية لحركة البناء الوطني بالمجلس الشعبي الوطني، الدكتور عبد القادر بريش في هذا الحوار الخاص لـ”سهم ميديا” عن العودة القوية للجزائر “دبلوماسيا واقتصاديا” من خلال طلباتها الرسمية للانضمام الى منظمات اقتصادية عالمية فاعلة على غرار منظمتي “بريكس” و”شنغهاي” للتعاون، وبيّن أثر ذلك على جهود “النهوض بالاقتصاد الوطني” والمساهمة في “بناء النظام الاقتصادي الدولي الجديد”، كما أكد أنه رغم “التأخر” المسجل في هذا المجال الا أن “اكتساب الجزائر لمقومات الدولة القوية” ستسمح بـ”التدارك”.
– “البريكس” و”منظمة شنغهاي”…عودة قوية للجزائر لمواقع التأثير الدبلوماسي والاقتصادي، كيف تقرؤونها؟
يجب الإشارة في البداية الى العودة القوية للجزائر لمواقع التأثير الدبلوماسي على الساحة الدولية وعلى مختلف الدوائر الجيوسياسية وانتهاج مقاربة دبلوماسية قائمة على تنويع الشراكات والتحالفات الاستراتيجية مع مختلف الفاعلين على أساس شراكة رابح-رابح.
وما يؤكد هذه العودة القوية، الزيارة الأخيرة لرئيس الجمهورية الى روسيا وابرام اتفاق الشراكة الاستراتيجية المعمقة والدعم الذي تحظى به الجزائر من طرف روسيا للانضمام الى مجموعة BRICS وهذا من أجل حضور الجزائر في المحافل والتجمعات الدولية المؤثرة في صنع القرار الدولي في ظل تشكل عالم متعدد الاقطاب بعيدا عن الهيمنة الغربية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية.
عبد القادر بريش – خبير في الاقتصاد
– ما جدوى خطوة انضمام الجزائر الى منظمة شنغهاي للتعاون كعضو مراقب؟ وما أثرها على التحديات الماثلة أمام النهوض بالاقتصاد الجزائري في الفترة المقبلة؟
طلب الجزائر الانضمام الى منظمة شنغهاي بصفة عضو مراقب يدخل في سياق التوجهات الجديدة للجزائر بقيادة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون نحو تفعيل الدبلوماسية الجزائرية وتعزيز تواجد الجزائر مع القوى الاقتصادية الصاعدة من أجل تطوير الشراكة الاقتصادية مع دول هذه المنظمة التي تمثل نصف سكان العالم من الناحية الديمغرافية.
كما أن الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي تتميز باقتصاديات صاعدة وتمثل قوة اقتصادية من حيث توفر الموارد الاقتصادية والطاقة والقدرات المالية والتكنولوجية وبالتالي الانضمام وتوطيد العلاقة والشراكة السياسية والاقتصادية مع هذه الدول المشكلة لمنظمة شنغهاي سيساهم في تطوير الاقتصاد الجزائري سواء بزيادة حجم المبادلات التجارية وجلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
– لماذا تسعى الجزائر في هذا الوقت بالذات للحصول على عضوية في منظمات اقتصادية عالمية؟
الجزائر تريد حضورا فاعلا في منظمة بريكس وهي تملك كل المقومات لذلك، وتريد أن تتواجد مستقبلا في منظمة شنغهاي التي بعض أعضائها هم في تجمع البريكس على غرار الصين والهند وروسيا، فالانضمام الى هذه المنظمات التي تمثل دول تجمعها عدة روابط تاريخية وأهداف اقتصادية طموحة تريد من وراءه اثبات تواجدها على الساحة الاقتصادية الدولية وتريد المساهمة في بلورة وبناء النظام الاقتصادي الدولي الجديد، نظام حوكمة أكثر انصافا وعدلا للعالم.
الجزائر تريد من وراء انضمامها الى منظمتي بريكس وشنغهاي اثبات تواجدها على الساحة الاقتصادية الدولية والمساهمة في بلورة وبناء النظام الاقتصادي الدولي الجديد
عبد القادر بريش – خبير في الاقتصاد
– الانضمام الى تكتلات اقتصادية عالمية فاعلة…هل الجزائر متأخرة في هذا المجال؟
نعم، محاولات الجزائر لإعادة تنشيط الدبلوماسية وتنويع الشراكات واقتحام مجالات العلاقة مع الفاعلين الكبار على مستوى العالم. هو استدراك للفرص التي ضيعناها والمواقع التي تراجعنا عنها في الفترات السابقة. أين كانت الدبلوماسية الجزائرية تتسم بالجمود وانكفأت على نفسها واكتفت بردود الأفعال والانحصار في دوائر جيوسياسية ضيقة.
– هل الوقت لا يزال ممكنا لتدارك هذا التأخر؟
بالطبع، خاصة بعدما دخلت الجزائر عهدا جديد وهو عهد الدبلوماسية الفاعلة والمؤثرة واكتسبت مقومات الدولة القوية.
وتتمظهر هذه القوة في القوة العسكرية والقوة الدبلوماسية وقوة التأثير في مختلف الدوائر الجيوسياسية على المستوى الاقليمي والقاري والدولي. والقوة الاقتصادية من خلال الاستقرار الاقتصادي واستقرار المؤشرات الاقتصادية الكلية المشجعة للإقلاع الاقتصادي. من خلال برنامج الاصلاحات الاقتصادية التي تضمنها مخطط عمل الحكومة تطبيقا لبرنامج رئيس الجمهورية وتعهداته 54.
وأهم عامل من عوامل القوة للدولة الجزائرية في الوقت الراهن هو الاستقرار المؤسساتي. والتناسق والتوافق بين مختلف مؤسسات الدولة في هدف واحد هو بناء الجزائر القوية التي اصبحت متواجدة في منصة الكبار.
محاولات الجزائر لإعادة تنشيط الدبلوماسية وتنويع الشراكات واقتحام مجالات العلاقة مع الفاعلين الكبار على مستوى العالم هو استدراك للفرص التي ضيعناها والمواقع التي تراجعنا عنها في الفترات السابقة
عبد القادر بريش – خبير في الاقتصاد