افتتاحية سهم الشعب يختار الاستمرارية ومواصلة البناء

تبون ورؤية “الجزائر المنتصرة”: مسار التحول نحو قوة اقتصادية واعدة

تحليلات سهم

قدم الرئيس عبد المجيد تبون، في خطابه الأخير الذي ألقاه بقصر الأمم بنادي الصنوبر (الجزائر العاصمة) عقب أدائه اليمين الدستورية، رؤيته لمشروع “الجزائر المنتصرة”، مؤكداً أنه ليس مجرد “شعار انتخابي”، بل “خطة طموحة” لبناء دولة قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية.

في ضوء ما تحقق خلال عهدته الأولى، يتطلع الرئيس تبون إلى استكمال المسار في عهدته الثانية، مع توجيه التركيز نحو تنويع الاقتصاد وتطوير البنية التحتية وتحقيق نمو مستدام.

رؤية الرئيس عبد المجيد تبون لمشروع “الجزائر المنتصرة” تعد خارطة طريق طموحة تهدف إلى تحويل الجزائر إلى قوة اقتصادية صاعدة ومستدامة.

الخطط الطموحة التي حددها الرئيس تبون في عهدته الجديدة، والتي تشمل تنويع الاقتصاد، جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتطوير القطاعات الحيوية مثل الفلاحة، الموارد المائية، والصناعات الثقيلة تعتبر تحديات ب”سقف طموح عالي”، واذا ما تحققت “واقعيا”ستضع الجزائر على أعتاب مرحلة جديدة من النمو والازدهار.

تجديد وطني برؤية “الجزائر المنتصرة”

تعد رؤية “الجزائر المنتصرة” التي طرحها الرئيس عبد المجيد تبون في صميم مشروعه السياسي الوطني، حيث تمثل التزامًا جادًا بتحقيق التغيير والازدهار في الجزائر. من خلال هذا المشروع، يسعى تبون إلى بناء دولة حديثة مزدهرة قادرة على المنافسة على الساحة الدولية، انطلاقًا من إيمان عميق بقدرات الشعب الجزائري، وخاصة الشباب، الذين يشكلون قلب هذه الرؤية. هذا الإيمان ليس مجرد كلمات، بل هو التزام بتوفير الفرص للشباب للمساهمة في بناء مستقبل البلاد.

الرؤية تركز على الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية على حد سواء، حيث تعكس رغبة حقيقية في تحويل الجزائر إلى دولة قوية اقتصاديًا ومستقلة سياسيًا. وتعتبر الاستثمارات الوطنية والأجنبية أحد الركائز الأساسية لتحقيق هذه الأهداف، بما يسهم في خلق فرص عمل جديدة وتحقيق التنمية المستدامة. ومع كل هذا، يبقى التركيز على التوازن بين تنمية البنية التحتية وتوفير حياة كريمة للمواطنين.

ومع تصاعد التحديات على المستوى الداخلي والإقليمي، تبرز هذه الرؤية كوسيلة للانتقال بالجزائر من دولة تواجه تحديات إلى دولة تمتلك الإمكانيات لتجاوزها والازدهار. وتتمحور فلسفة “الجزائر المنتصرة” حول تحويل الأزمات إلى فرص، وتعزيز الهوية الوطنية، والتأسيس لاقتصاد يحقق تطلعات الشعب الجزائري في مستقبل مشرق.

إقرأ أيضا: بعد النفط والغاز…هل ترفع الجزائر تحدي انتاج وتصدير “الهيدروجين الأخضر”؟

العهدة الثانية: طموحات اقتصادية متزايدة

الرئيس تبون، الذي بدأ عهدته الثانية برؤية واضحة، رفع سقف الطموحات الاقتصادية بشكل كبير، مؤكداً أن الجزائر تتطلع إلى تحقيق نقلة نوعية في مجال الاقتصاد الوطني. الرؤية الجديدة تقوم على توسيع نطاق الاستثمارات الوطنية والأجنبية لتشمل قطاعات حيوية لم تكن مستغلة بشكل كامل في السابق. هذا التوسع سيسهم في تحقيق تنويع اقتصادي ضروري، يخرج الجزائر من الاعتماد على قطاع المحروقات كمصدر رئيسي للدخل.

في خطابه، أشار الرئيس إلى ضرورة تعزيز الاستثمار في المشاريع الاقتصادية الكبرى، مثل قطاع التعدين والفلاحة والبنية التحتية، حيث تأتي هذه المشاريع لتكمل الجهود المبذولة لتحسين مناخ الأعمال في البلاد. هذه المشاريع لا تهدف فقط إلى خلق فرص عمل جديدة، بل إلى بناء اقتصاد وطني مستدام يمكنه الصمود أمام التقلبات العالمية.

بالإضافة إلى ذلك، هناك توجه واضح نحو تطوير المؤسسات الناشئة وتعزيز الابتكار المحلي، حيث تعد هذه المؤسسات محركًا رئيسيًا للتنمية الاقتصادية. إن الالتزام بدعم هذه الشركات وتقديم تسهيلات مالية وتشريعية يعكس توجهًا استراتيجيًا نحو بناء اقتصاد جديد يرتكز على التكنولوجيا والمعرفة.

الإنجازات البارزة في العهدة الأولى

وخلال عهدته الأولى، حقق الرئيس تبون سلسلة من الإنجازات التي شكلت أساسًا لرؤية “الجزائر المنتصرة”. واحدة من أبرز هذه الإنجازات كانت تحسين المناخ الاستثماري وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية. وقد تم بالفعل تسجيل نمو ملحوظ في عدد المؤسسات الناشئة، حيث قفز عددها من 200 مؤسسة في عام 2020 إلى حوالي 8000 مؤسسة. هذا التوسع يعكس ثقة المستثمرين في مستقبل الجزائر الاقتصادي وبيئتها الاستثمارية المحسنة.

وفي إطار تطوير البنية التحتية، شهدت الجزائر تقدمًا كبيرًا في مجالات مثل الإسكان والنقل والطاقة. هذه المشاريع لم تقتصر على تحسين حياة المواطنين فحسب، بل لعبت دورًا مهمًا في تعزيز الحركية الاقتصادية داخل البلاد، وفتح مجالات جديدة للاستثمار والتنمية. إضافة إلى ذلك، فإن المشاريع العملاقة التي أُطلقت في قطاع المناجم تمثل جزءًا مهمًا من الاستراتيجية الاقتصادية الجديدة التي تسعى إلى استغلال الموارد الطبيعية الهائلة التي تملكها البلاد.

الرئيس تبون أظهر أيضًا اهتمامًا خاصًا بمكافحة الفساد واستعادة الثقة في مؤسسات الدولة. هذه الجهود لم تسهم فقط في تحسين صورة الجزائر على الساحة الدولية، بل أدت أيضًا إلى خلق بيئة أكثر شفافية واستقرارًا للاستثمارات.

تنمية القطاعات الحيوية: خطوة نحو الاستقلال الاقتصادي

من بين الجوانب الأساسية التي ركزت عليها رؤية “الجزائر المنتصرة” تطوير القطاعات الحيوية التي يمكن أن تسهم في تعزيز الاستقلال الاقتصادي. قطاع الفلاحة، على سبيل المثال، شهد تطورات ملحوظة خلال السنوات الماضية، حيث تمكنت الجزائر من تحقيق طفرات كبيرة في الإنتاج الزراعي. هذه التحسينات لم تأت فقط لتعزيز الأمن الغذائي، بل لتقليل الاعتماد على الواردات الخارجية، مما يسهم في تعزيز الاستقلال الاقتصادي للبلاد.

وفيما يتعلق بقطاع الموارد المائية، تعكس المشاريع الطموحة لتحلية مياه البحر وإدارة الموارد المائية بشكل فعال رؤية استراتيجية لتأمين مصادر المياه في البلاد. هذه المشاريع تساهم بشكل كبير في تحقيق الاستدامة البيئية، وهي جزء أساسي من خطة تطوير البنية التحتية الوطنية.

كما تشمل هذه الجهود قطاعات أخرى مثل الصحة والتعليم والإسكان، حيث تعمل الدولة على تحسين الخدمات الأساسية للمواطنين وتوفير حياة كريمة لهم. هذه المشاريع لا تعزز فقط الاستقرار الاجتماعي، بل تشكل قاعدة قوية لتحقيق نمو اقتصادي مستدام.

إقرأ أيضا: المزارع النموذجية…هل تحقق الاكتفاء الغذائي للجزائريين؟

تنويع الاقتصاد: هدف استراتيجي

واحدة من التحديات الرئيسية التي تواجه الجزائر هي الاعتماد الكبير على قطاع المحروقات كمصدر رئيسي للدخل. لهذا السبب، جعل الرئيس تبون من تنويع الاقتصاد هدفًا استراتيجيًا في عهدته الثانية. من خلال زيادة الاستثمارات في القطاعات غير النفطية، تسعى الجزائر إلى خلق مصادر دخل جديدة تسهم في تقليل الاعتماد على النفط والغاز وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.

من خلال التركيز على الصادرات غير النفطية، تهدف الجزائر إلى تحقيق قفزة نوعية في حجم التجارة الخارجية. وفقًا للرؤية، من المتوقع أن تصل قيمة الصادرات خارج قطاع المحروقات إلى 15 مليار دولار مع نهاية العهدة الثانية. هذه الخطوة تمثل تحولا استراتيجيا في الهيكل الاقتصادي للبلاد، وتعزز القدرة التنافسية للجزائر على الساحة الدولية.

بالإضافة إلى ذلك، تلعب المؤسسات الناشئة دورًا حيويًا في تحقيق هذا الهدف، حيث يعكس الاهتمام المتزايد بهذه الشركات رغبة الحكومة في دعم الابتكار والتكنولوجيا كعناصر أساسية لتنويع الاقتصاد وبناء اقتصاد مستدام.

دعم القدرات الشرائية للمواطنين

وفي إطار تحسين مستوى معيشة المواطنين، أعطى الرئيس تبون أولوية خاصة لدعم القدرات الشرائية من خلال سياسات تهدف إلى مكافحة التضخم والتحكم في الأسعار. هذا التوجه يأتي استجابة للضغوط الاقتصادية التي يعاني منها المواطن الجزائري، والتي تفاقمت بسبب الأزمات الاقتصادية العالمية والاضطرابات المحلية.

زيادة الأجور والعلاوات الاجتماعية تمثل جزءًا من الحلول التي تهدف إلى تحسين حياة المواطنين. بالإضافة إلى ذلك، هناك خطط واضحة لرفع منحة التقاعد وتمكين الفئات الهشة من العيش بكرامة. هذه السياسات الاجتماعية تعكس التزام الحكومة بتوفير حلول ملموسة للتحديات الاقتصادية التي تواجه المواطنين يوميًا.

الرئيس تبون أكد في أكثر من مناسبة على أن تحسين القدرة الشرائية لا يقتصر فقط على رفع الأجور، بل يشمل أيضًا تحسين جودة الحياة العامة من خلال توفير الخدمات الأساسية بأسعار معقولة، مثل الإسكان والصحة والتعليم.

المشاريع العملاقة: محرك للنمو المستدام

أحد أبرز محاور رؤية “الجزائر المنتصرة” هو التركيز على المشاريع العملاقة التي تهدف إلى تعزيز البنية التحتية الوطنية ودفع عجلة النمو الاقتصادي. من بين هذه المشاريع نجد السكة الحديدية التي تربط شمال الجزائر بجنوبها، والتي تعد واحدة من أكبر المشاريع في تاريخ البلاد. هذه السكة ستسهم في فتح مجالات جديدة للاستثمار والتنمية في المناطق الداخلية، وتوفير فرص عمل وتعزيز الحركية الاقتصادية.

بالإضافة إلى ذلك، هناك مشاريع كبيرة في قطاع التعدين، مثل استغلال مناجم الحديد والفوسفات والزنك، والتي ستساهم في تحويل الجزائر إلى مركز رئيسي للصناعات المعدنية. هذه المشاريع تعكس التزام الحكومة بتعزيز الاستقلال الاقتصادي وتقليل الاعتماد على الواردات.

الرئيس تبون أشار أيضًا إلى مشاريع تحلية مياه البحر كجزء من خطة لتحقيق الأمن المائي في البلاد. هذه المشاريع لا تسهم فقط في تلبية احتياجات السكان المتزايدة من المياه، بل تساهم أيضًا في تعزيز الاستدامة البيئية وضمان توافر الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.

رؤية “الجزائر المنتصرة” التي قدمها الرئيس عبد المجيد تبون تمثل خارطة طريق طموحة لتطوير الجزائر وجعلها قوة اقتصادية صاعدة. من خلال التركيز على تنويع الاقتصاد، تشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي، وتطوير القطاعات الحيوية مثل الفلاحة، الموارد المائية، والصناعات الثقيلة، تسعى الجزائر إلى تحقيق استقلال اقتصادي مستدام. الإنجازات التي حققتها الحكومة خلال العهدة الأولى، وخاصة في مجالات البنية التحتية وتحسين المناخ الاستثماري، تشكل قاعدة قوية للبناء عليها في المرحلة المقبلة.

إلى جانب ذلك، يبرز التزام الحكومة بتحسين مستوى معيشة المواطنين من خلال زيادة الأجور ودعم القدرة الشرائية، وكذلك تعزيز الاقتصاد غير النفطي وتحفيز المؤسسات الناشئة. كل هذه السياسات تهدف إلى خلق اقتصاد متين وقادر على مواجهة التحديات العالمية.

في النهاية، رؤية “الجزائر المنتصرة” تعكس طموح الجزائر إلى أن تصبح دولة حديثة وقادرة على المنافسة على الساحة الدولية، معتمدة على مواردها الطبيعية وإرادة شعبها، وخاصة الشباب الذين يشكلون العمود الفقري لهذه الرؤية. إنها رؤية تؤسس لجزائر جديدة، قوية، ومنتصرة في مواجهة التحديات المستقبلية.