أعلن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في لقاءه الإعلامي الأخير، عن الوصول إلى الرقمنة النهائية لكل القطاعات قبل نهاية عام 2024، وهو ما يُعد خطوة طموحة في مسعى بناء دولة جزائرية عصرية.
لا شك أن هذا الإعلان يمثل أحد أهم القرارات التي قد تساهم في تطوير الأداء الإداري وتحسين الخدمات العامة، وتخفيف وطأة البيروقراطية التي ظلت لسنوات طويلة واحدة من أهم عوائق التقدم.
ولكن، كما أشار الرئيس، فإن هناك “مقاومة” من قبل أطراف ألفت العيش في الضبابية. هذه الأطراف قد تكون مستفيدة من الفوضى وعدم الشفافية التي توفرها البيروقراطية المتجذرة، وربما ترى في الرقمنة تهديدًا لمصالحها. وهذا يقودنا إلى استنتاج واحد: “الدولة العصرية” في مواجهة “أطراف فوضوية”.
إقرأ أيضا: مشروع قانون المالية 2024.. لا بديل عن الرقمنة
الرقمنة لا تعني فقط استخدام الحواسيب وتطبيقات الإدارة، الأمر يتعدى الى عملية شاملة تتطلب تغييرات جذرية في الثقافة المؤسسية وفي سلوك الأفراد العاملين في القطاع العام. القضاء على البيروقراطية، كما قال الرئيس، هو هدف أساسي، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل تم وضع خطط عملية ومدروسة لمواجهة هذه المقاومة؟ وهل تمتلك الجزائر الموارد البشرية والتقنية الكافية لتجاوز هذه التحديات؟
إن نجاح الرقمنة يتطلب إرادة سياسية قوية، وهو ما يبدو واضحًا في تصريح الرئيس. ولكنه يحتاج أيضًا إلى تعاون مؤسساتي وجماعي. إلى جانب مواجهة المصالح الشخصية التي قد تحاول عرقلة التقدم. إذا تم تنفيذ الرقمنة بشكل صحيح، فإنها ستحقق قفزة نوعية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتخفف الأعباء على المواطنين من خلال توفير خدمات أكثر كفاءة وشفافية.
الجزائر اليوم أمام فرصة تاريخية لبناء دولة عصرية تعتمد على التكنولوجيا والتطور الرقمي. لكن نجاح هذا المشروع يعتمد بشكل كبير على كيفية التعامل مع الأطراف التي تقاوم التغيير. وكيفية مواجهة البيروقراطية بكل حزم. كما يجب علينا جميعًا، كمجتمع، أن ندعم هذا المسعى وندرك أن المستقبل الرقمي هو السبيل الوحيد لتحقيق التقدم والرفاهية.
في النهاية، الرقمنة في الجزائر باتت ضرورة حتمية في عالم يتطور بسرعة. ومن المهم أن نتحرك بنفس السرعة إذا كنا نريد أن نلحق بركب الدول المتقدمة.