لا يخفى على الجميع اليوم أننا نعيش توجها عالميا في أمننة القضايا البيئية، بل أن التدخلات الرامية وسيادة الدول أضحت مرهونة بترشيد مقدراتها ،لم يعد النظر إلى المشكلا ت البيئية كقضية عابرة بل استثمار واقتصاد قائم بحد ذاته.
إن التسابق اليوم بين الدول ليس على تصنيع وشراء الاسلحة لتأمين ترسانتها الدفاعية فحسب بل برسم حدودها والاستغلال الأمثل لمقدراتها الطبيعية (السطحية والباطنية ) وان كان القانون الدولي قد وضح سبل التعامل مع المشكلات البيئية الدولية (قضايا التلوث العابر للحدود على سبيل المثال)، إلا أن ادارة المقدرات الطبيعية يمكن أن تكون مصدرا للسلام أو فتيلا للنزاعات لأن الأمر يتعلق بتسابق الدول في تحصين أمنها القومي(كقضية المياه المشتركة بين تركياو العراق،مصر وإثيوبيا،…)
إن التعامل اليوم مع قضية البيئة لم يعد خيارا أمام الدول التي تسعى للحفاظ على أمنها القومي وسيادتها لأن من يرهن ويحدد سيادتها هو ثلاثية: الأمن الغذائي،الامن المائي،الامن الطاقوي، وما يندرج تحت كل واحد من هذه الأبعاد ومحاور الثلاث للأمن القومي من تحديات مختلفة، والتي تشترك جميعها في أن البيئة تمثل بنيتها الأساسية ومنطلقها، لذا كانت حلقة الاستدامة من خلال حوكمة القطاع البيئي أمرا لامفر منه من خلال ميكانيزمات الرؤية الاستراتيجية،المساءلة ،الشفافية،سيادة القانون،….
قطاع البيئة هو قطاع استراتيجي وتعامله مع مختلف التحديات المحلية والوطنية والالتزامات الدولية لا بد أن يكون بعيدا عن دائرة الشكلية والمناسباتية فنحن نتحدث عن أمن قومي وليس عن يوم للاحتفال بمناسبة بيئية كاعيد الشجرة وتنظيم ندوة و إنتهى !
البيئة هي الهواء والأرض والمياه فإن أحسنا ادارة وحوكمة هذه القطاعات ضمنا بذلك أمننا المستدام .
د.منال سخري
أستاذة، باحثة وخبيرة في مجال السياسات البيئية والتنمية المستدامة