أعلن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، عن بدء مراجعة اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي في عام 2025. يأتي هذا الإعلان في سياق التحولات الاقتصادية التي شهدتها الجزائر خلال السنوات الأخيرة، حيث أصبحت البلاد تلعب دورًا أكثر فعالية على الصعيدين الصناعي والزراعي.
أشار الرئيس تبون إلى أن الاتفاق المبرم بين الجزائر والاتحاد الأوروبي تم في فترة كانت فيها الجزائر تعتمد بشكل كبير على الاستيراد، ولم تكن تملك قاعدة صناعية أو زراعية قوية.
في تلك الفترة، لم تتعد نسبة مشاركة الصناعة في الدخل القومي 3%، وكانت الجزائر تعتمد بشكل شبه كامل على استيراد المنتجات الفلاحية، ما جعل الاتفاق مبنيًا على فرضية تبادل تجاري غير متكافئ.
إلا أن الأمور تغيرت بشكل جذري. فالجزائر اليوم تصدر منتجات متنوعة من الصناعات التحويلية والأجهزة الكهرومنزلية، إلى جانب الإنتاج الزراعي الذي شهد طفرة ملحوظة.
هذه التحولات جعلت من مراجعة الاتفاق ضرورة ملحة لتكييفه مع الواقع الاقتصادي الجديد للجزائر، بما يضمن تحقيق استفادة متبادلة بين الطرفين.
إقرأ أيضا: تبون ورؤية “الجزائر المنتصرة”: مسار التحول نحو قوة اقتصادية واعدة
مراجعة بسلاسة
تحدث رئيس الجمهورية عن التبادل الحر كأحد الركائز الأساسية لاتفاق الشراكة. إلا أن التطور الذي شهدته الجزائر في مجالات الصناعة والتصدير جعل من المنطقي أن تسعى البلاد لمراجعة شروط الاتفاق بما يتناسب مع إمكانياتها الحالية.
الرئيس تبون أكد أن هذه المراجعة ستتم بكل سلاسة وود مع الاتحاد الأوروبي، دون الدخول في نزاعات، وهو ما يعكس رغبة الجزائر في الحفاظ على علاقات طيبة واقتصادية مع شركائها الأوروبيين.
من جهة أخرى، أشار الرئيس إلى أن دول الاتحاد الأوروبي لا ترفض فكرة مراجعة الاتفاق، بل على العكس، ترغب في تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الجزائر.
وقد أشاد الرئيس بالرواج الكبير الذي تشهده المنتجات الجزائرية في الأسواق الأوروبية. مما يعكس التقدم الذي حققته البلاد في مختلف القطاعات الإنتاجية.
إقرأ أيضا: الجزائر قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في شعبة الحبوب
أبعاد استراتيجية
إلى جانب الأبعاد الاقتصادية الواضحة، تحمل هذه المراجعة أبعادًا استراتيجية هامة. فالجزائر تسعى لتعزيز موقعها كقوة إقليمية تعتمد على إمكانياتها الاقتصادية المتزايدة. وتسعى للاستفادة من موقعها الجغرافي كهمزة وصل بين أوروبا وإفريقيا.
مراجعة الاتفاق قد تفتح آفاقًا جديدة لتعزيز العلاقات التجارية مع دول الاتحاد الأوروبي. وفي الوقت نفسه، قد تمكن الجزائر من الاستفادة من الفرص المتاحة في إطار شراكات استراتيجية مع دول أخرى.
الرئيس تبون أشار إلى أن هذه المراجعة تأتي في وقت تشهد فيه الجزائر تطورًا لافتًا في قدراتها التصديرية. وهو ما يعزز من موقفها التفاوضي في إطار الاتفاق الجديد.
ومن المتوقع أن تؤدي هذه المراجعة إلى تعزيز مكانة الجزائر في الأسواق الأوروبية. سواء من خلال زيادة الصادرات الجزائرية أو من خلال جذب المزيد من الاستثمارات الأوروبية.
العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي تاريخية ومتعددة الأبعاد. ولا تقتصر على الجوانب الاقتصادية فقط. ولكن من الواضح أن هذه المراجعة تهدف إلى تحقيق توازن أكبر في المصالح الاقتصادية بين الطرفين. فالجزائر تسعى لضمان أن يعكس الاتفاق الجديد قدراتها الاقتصادية المتنامية. وفي الوقت نفسه، تضمن استمرار علاقاتها الطيبة مع الاتحاد الأوروبي.
في الأخير، يمكن القول إن مراجعة اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي تمثل فرصة مهمة للطرفين لتعزيز تعاونهما الاقتصادي وتطويره بما يخدم مصالح الطرفين. الجزائر الآن في موقف أقوى بفضل التحولات الاقتصادية التي شهدتها. ومن المؤكد أن هذه المراجعة ستفتح آفاقًا جديدة للتعاون بين الجانبين في السنوات القادمة.