يسابق المغرب الزمن لتنفيذ مجموعة من الإصلاحات التي يفرضها صندوق النقد الدولي، لضمان صرف الشطر الثالث والأخير من القرض البالغ 1.3 مليار دولار. تأتي هذه الإصلاحات ضمن الاتفاق الموقع العام الماضي، الذي يثير تساؤلات واسعة حول مدى استقلالية القرار الاقتصادي المغربي وتبعيته للمؤسسات الدولية.
من المقرر أن يجري صندوق النقد مراجعة ثالثة وأخيرة في فبراير المقبل قبل المصادقة على الشريحة الأخيرة بقيمة 437 مليون دولار، لكن شروط الصندوق تعكس ضغوطاً متزايدة على المغرب لتنفيذ تغييرات تمس جوانب حيوية من الاقتصاد والمجتمع.
تشمل الالتزامات الحكومية تحرير سوق الكهرباء بطريقة تسلب “المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب” دوره في الإنتاج، ليقتصر على تشغيل نظام النقل فقط. كما تُطالب الحكومة بفرض ضرائب بيئية جديدة، رغم تأثيرها السلبي المتوقع على القدرة الشرائية للأسر، التي تواجه بالفعل ضغوطاً بسبب ارتفاع البطالة وأسعار المواد الغذائية.
في ظل أزمة مائية خانقة، تعمل الحكومة على إعداد قوانين لحماية الموارد الجوفية، لكنها تبقى تدابير محدودة بالنظر إلى حجم الإجهاد المائي غير المسبوق. وفي الوقت نفسه، تواجه هذه الجهود انتقادات لغياب استراتيجيات طويلة الأمد تحافظ على هذه الموارد في مواجهة موجات الجفاف المستمرة.
إضافة إلى ذلك، يطالب الصندوق المغرب بفرض ضرائب على الوقود الأحفوري، وهو ما قوبل برفض حكومي بسبب تداعياته على الأسر. ومع ذلك، اقترحت الحكومة بدائل أخرى، مثل إلغاء الإعفاءات الضريبية على الفحم ووقود النفط الثقيل، وزيادة الضرائب على مواد مثل “البيتومين” وزيوت التشحيم، مما يعكس انصياعاً غير مباشر لمطالب الصندوق.
رغم الترويج لتطبيق ضريبة الكربون كخطوة نحو حماية البيئة، فإن تأثيرها المتوقع على المدى القريب سيكون محدوداً، خاصة في ظل اعتماد قطاع الكهرباء في المغرب بشكل كبير على الفحم، الذي يشكل نحو 40% من قدرة التوليد. كما أن العقود طويلة الأجل بين الموردين والمكتب الوطني تجعل تقليص الاعتماد على الفحم أمراً مستبعداً في المستقبل القريب.
هذا المشهد يثير انتقادات واسعة من قبل خبراء اقتصاديين ومواطنين، يرون أن السياسات الحكومية تخضع لإملاءات صندوق النقد دون مراعاة للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتدهورة. وبينما تُطرح هذه الإصلاحات كإجراءات ضرورية لتحسين الأداء الاقتصادي، فإنها تبدو بعيدة عن تلبية احتياجات المواطنين اليومية، مما يسلط الضوء على فجوة متزايدة بين السياسات الحكومية ومتطلبات الشارع المغربي.